بعد النقص الفادح في معدّاتها… روسيا تستعين بمئات الطائرات الإيرانية المسيرة
لجأت موسكو إلى حليفتها طهران للحصول على الطائرات بدون طيار باعتبارها تمتلك نظامًا قويًا ومتنوعًا من المسيّرات، كونها مورد رئيسي للدرون منذ عقود.
وكان تطوير إيران لهذه القوة مدفوعًا إلى حد كبير بالعقوبات، وفق تحليل لموقع “فوربس”، حيث لم تكن إيران قادرة على استيراد طائرات حربية، ولا على بناء طائرات مقاتلة كبيرة منذ سنوات.
وكشفت إيران الجمعة عن وحدة بحرية للطائرات المسيرة تتيح إطلاقها من سفن وغواصات، في أحدث إعلان مرتبط ببرنامجها لهذه الطائرات الذي يثير قلق أعدائها خصوصًا إسرائيل والولايات المتحدة.
وأصبحت إيران متخصصة في الطائرات القتالية من دون طيار، وعادة ما تصدر طائراتها إلى وكلائها في المنطقة مثل حزب الله والحوثيين في اليمن، الذين يستخدمونها لمهاجمة أهداف في إسرائيل والمملكة العربية السعودية.
كما تزود طهران -لكن على أساس تجاري فقط- عملاء آخرين مثل فنزويلا والإكوادور وبعض الدول الصديقة في إفريقيا.
تنتج هذه الصناعة المزدهرة عشرات الأنواع المختلفة من الطائرات بدون طيار، من الطائرات الكبيرة التي يصل مداها إلى آلاف الأميال إلى النماذج التكتيكية التي تُطلق يدويًا والذخائر التي تحمل رؤوسًا متفجرة.
تتضمن هذه الصناعة الإيرانية أصنافا عديدة ومتنوعة، على الرغم من أن أغلبها عبارة عن نماذج أولية فقط لم تدخل الإنتاج أو الخدمة بعد.
وفي غمرة الحرب الروسية المتواصلة على أوكرانيا، أصبح من المؤكد أن طهران تتجه لتصدير طائراتها لموسكو التي تعاني نقصا فادحا في المعدات نتيجة أكثر من 4 أشهر من الحرب.
وزار مسؤولون روس إيران مرتين على الأقل هذا الصيف لمعاينة الطائرات المسيرة المقاتلة التي ستسلمها طهران إلى موسكو، وفق ما أكد جيك سوليفان مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض السبت.
وعرض الجيش الإيراني طائراته المسيرة على وفد روسي يومي 8 و 5 تموز في قاعدة كاشان الجوية، البعيدة 200 كيلومتر جنوب طهران، بحسب صور الأقمار الصناعية التي كشفت عنها الحكومة الأميركية، في الوقت الذي تسعى روسيا إلى تعزيز ترسانتها أمام المقاومة التي يبديها الجيش الأوكراني في شرق البلاد.
وقال سوليفان “ننشر هذه الصور التي التقطت في يونيو والتي تظهر الطائرات المسيرة الإيرانية التي اطلع عليها الوفد الروسي في ذلك اليوم. ويشير ذلك إلى استمرار الاهتمام الروسي بامتلاك طائرات مسيرة إيرانية مقاتلة”.
وأضاف “بحسب علمنا هذه هي المرة الأولى التي يزور فيها وفد روسي هذه القاعدة الجوية لمثل هذا الغرض”.
وأعلن البيت الأبيض الاثنين أنه تلقى معلومات تفيد بأن إيران تستعد لتزويد روسيا بمئات الطائرات المسيرة، بينها قتالية، وأن الجيش الإيراني سيجري دورات تدريبية للتعامل مع هذه الاسلحة اعتبارًا من تموز.
وأوضح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي لشبكة “سي إن إن” هذا الأسبوع، أن هذه الطائرات المسيرة يمكن استخدامها في عمليات الاستطلاع وتسليم الذخائر.
وأضاف كيربي الثلاثاء “كان من المهم إبلاغ العالم بمعرفتنا أن روسيا بحاجة إلى هذه الإمكانات الإضافية” مشيراً إلى أنهم “يزيدون مواردهم بشكل متسارع”.
زار وفد روسي مطارًا في وسط إيران مرتين على الأقل الشهر الماضي لفحص طائرات بدون طيار قادرة على حمل صواريخ وقذائف وفقًا لصور أقمار اصناعية حصلت عليها شبكة “سي إن إن” الإخبارية بشكل حصري.
وروسيا تفتقر بشدة إلى الطائرات المسلحة بدون طيار مقابل تفوق الأسطول الأوكراني الناجح من طائرات بيرقدار التركية التي أثبتت نجاعتها طيلة الحرب الجارية منذ 24 فبراير الماضي.
تمتلك إيران عدة أنواع من الطائرات بدون طيار التي أثبتت كفاءتها في القتال والقادرة على إطلاق الصواريخ، مثل “مهاجر 6” المصدرة إلى إثيوبيا و”شاهد –”129 التي استخدمت في سوريا والعراق.
يبلغ طول جناحي “شاهد 129″، 50 قدمًا، وهي مزودة بمحرك ” روتاكس 914″ القوي، مما يمنحها سرعة تبلغ حوالي 100 ميل في الساعة ووقت طيران يزيد عن 20 ساعة.
تحمل هذه الطائرة أربع قنابل ذكية من طراز “سديد -345” مع توجيه دقيق (ليزر) وهي قادرة على إصابة أهداف متحركة.
يقول التقرير إن هذا النوع من الطائرات يمكن أن يكون على رأس قائمة موسكو بسبب قدرته على القيام بمهام بعيدة المدى للعثور على قاذفات الصواريخ المتنقلة HIMARS التي زودت بها الولايات المتحدة أوكرانيا، وتدميرها.
وساهمت الآليات الأميركية في تدمير مستودعات الذخيرة ومراكز القيادة الروسية، فضلاً عن تدمير الدفاعات الأوكرانية التي أثبتت أنها “مزعجة” للغاية بالنسبة لموسكو.
قال مسؤول عسكري في وزارة الدفاع الأميركية، أن الهجوم على فينيتسا، الخميس، تم بصاروخ أطلق من غواصة روسية.
ولحد الساعة، تقوم القوات الجوية الروسية فقط بعدد محدود من الطلعات الجوية وقد أثبتت حتى الآن عدم قدرتها على ضرب مثل هذه الأهداف، ربما بسبب النقص الحاد في الأسلحة الموجهة، وهو سر توجهها لطهران.
قد تكون تلك المعطيات وراء الفشل الذريع لقوات موسكو هذا الأسبوع عندما حاولت طائرتان روسيتان من طراز Su-27 قصف أهداف في جزيرة الأفعى وأخطأت ليس فقط أهدافهما ولكن الجزيرة نفسها.
كما فقد الروس ما لا يقل عن 34 طائرة مقاتلة مما يبدو أنه أسطول عملياتي صغير ويبدو أنهم مترددون في المخاطرة بهم أكثر.
قد تزود إيران روسيا بطائرات بدون طيار خفية، بعد أن طورت سلسلة كاملة من المركبات غير المأهولة التي تم نسخها من طائرة أميركية خفية من طراز RQ-170 Sentinel تحطمت في إيران عام 2011.
وتعرف هذه الطائرات بفئة Simorgh ولها شكل جناح طيران مميز، اثنتان منها، شاهد 181 و 191، عُرضتا خلال تمرين “النبي الأعظم 14” في عام 2020 .
ويمكن للطائرة 191 أن تحمل صاروخين من طراز Sadid-345 والأكبر 181 يمكنها حمل أربعة.
ومن الناحية النظرية، يصعب على الدفاعات الجوية اكتشافها، لكن يبدو أن إسرائيل أسقطت العديد منها دون صعوبة واضحة، “لذلك قد لا يكون الشبح ذو الهندسة الدقيقة فعالاً للغاية” يقول التقرير.
لكن التقرير عاد ليطرح تساؤلا عما ستكون عليه الطائرات الأخرى التي قد تستفيد منها روسيا من إيران، والتي لم يعلن عنها سابقًا؟
أحد الاحتمالات هو أن إيران يمكن أن تزود طائرات بدون طيار مطورة حديثًا، لم تعلن عنها، وقد تكون هذه بمثابة أفخاخ، وتكتسب معلومات استخباراتية وتشوش على الدفاعات الأوكرانية بينما تقوم الطائرات المسلحة بدون طيار بعملها.
وبينما لم يتضح بعد مقدار المعلومات الاستخباراتية الأميركية حول الصفقة، ليس من السهل معرفة ما إذا كانت إيران ستكون قادرة على الوفاء بما وعدت به، أو ما إذا كانت القوات الروسية قادرة على استخدام أي من هذه الأسلحة بشكل فعال.