“التيار” يخطّط لاعتكاف وزرائه وتحرّكات على الأرض
كتبت كارولين عاكوم في “الشرق الاوسط”:
في وقت تتبادل رئاسة الجمهورية و«التيار الوطني الحر» من جهة، ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي من جهة أخرى، مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة التي بات هناك شبه قناعة لدى الجميع بأن تأليفها قبل الانتخابات الرئاسية أصبح شبه مستحيل، يعد «التيار الوطني الحر» العدة لمواجهة المرحلة المقبلة، لا سيما مع ترجيحات الفراغ الرئاسي وعدم انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية.
وبعد المعلومات التي أشارت إلى أن الرئيس ميشال عون لن يترك البلد للفراغ، في ظل حكومة تصريف أعمال، وعادت أوساطه ونفتها، يبدو واضحاً أن «التيار» وضع خطة للاعتراض على ما يعتبره قراراً من رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي بعدم تأليف الحكومة، وهو الأمر الذي سيعطّل في الوقت عينه انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء، إذا وصل لبنان إلى مرحلة الفراغ الرئاسي، وذلك عبر سحب أو اعتكاف وزرائه من الحكومة نظراً لعدم قدرتهم على الاستقالة من حكومة مستقيلة أصلاً.
وفيما يكشف النائب في «التيار» غسان عطا الله عن توجّه لاعتكاف الوزراء المحسوبين على «الوطني الحر» للاعتكاف وعدم حضورهم إلى وزاراتهم والقيام بعملهم «إذا وصلنا إلى مرحلة وجدنا أنه لم يعد هناك من مجال لتأليف الحكومة»، تلوّح نائبة رئيس «التيار» مي خريش باللجوء إلى الشارع «إذا رأينا أن المسؤولين لا يقومون بما عليهم فعله وبات هناك تعطيل في المؤسسات لأننا لن نخذل الناس الذين منحونا ثقتهم»، معتبرة أن «الوضع اليوم يختلف تماماً عما كان عليه عام 2016 وهو لا يحمل فراغاً رئاسياً، وهذا ما لن نقبل به».
ويقول عطا الله لـ«الشرق الأوسط»: «منذ البداية كنا ندرك أن ميقاتي يريد الحصول على التكليف لتضييع الوقت وعدم تأليف الحكومة، وهذا ما ثبت لنا اليوم في وقت يغرق فيه لبنان بأزماته ويواجه قضايا مصيرية لا يمكن تأجيل القرارات بشأنها وتضييع الوقت بانتظار الانتخابات الرئاسية كما يفعل الرئيس المكلف، من ترسيم الحدود إلى خطة التعافي، إلى عودة النازحين وغيرها، وبالتالي هناك فرق كبير بين ما إذا كانت هناك حكومة أصيلة وكاملة الصلاحيات وبين حكومة تصريف أعمال».
من هنا، يقول عطا الله: «لا نزال نبذل جهدنا للضغط داخلياً وخارجياً لتأليف الحكومة، أما إذا وصلنا إلى حائط مسدود، فعندها سنتخذ قراراً باعتكاف الوزراء وعدم الذهاب إلى وزاراتهم اعتراضاً منهم على هذا الاستخفاف من قبل الرئيس المكلف».
وفيما يرفض عطا الله الحديث عن فراغ في رئاسة الجمهورية، مشيراً إلى أنه ليس من مصلحة أحد هذا الأمر والدولة لا تحتمل هذا الفراغ، يعتبر أن حكومة تصريف الأعمال «لا يمكنها أن تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية لكونها حكومة مستقيلة».
بدورها، تحمّل خريش ميقاتي مسؤولية التعطيل وتعتبر أنه من السابق لأوانه الحديث عن هذا الأمر، مؤكدة أنهم كـ«تيار وطني حر»، سيبذلون جهدهم لمنع هذا الفراغ، ولا تنفي إمكانية اللجوء إلى الشارع بالقول: «نحن لم نخرج من الشارع والاحتمالات كلّها واردة بما فيها التحركات على الأرض… هناك أناس جددوا ثقتهم بنا في الانتخابات النيابية ونحن لا يمكننا أن نخذلهم».
وبانتظار انعكاس خطوة انسحاب وزراء «التيار» على عمل الحكومة، يجدد الخبير الدستوري شارل مالك، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، التأكيد على أن صلاحيات رئيس الجمهورية تنتقل إلى مجلس الوزراء مجتمعاً، ولا فرق هنا بين ما إذا كانت حكومة عادية أم تصريف الأعمال، ويلفت إلى أنه لا قيمة عملية لاستقالة الوزراء المحسوبين على «التيار» ورئيس الجمهورية، من الحكومة المستقيلة أصلاً.
في المقابل، ومع تذكير مالك بأن صلاحيات حكومة تصريف الأعمال تبقى ضمن الإطار الضيق وتعقد جلساتها في الظروف الاستثنائية، يلفت إلى أنه إذا قرر عدد من الوزراء الاعتكاف وعدم حضور الجلسات الطارئة عندها سيؤدي قرارهم إلى عدم تأمين النصاب المتمثل بثلثي عدد الوزراء، وهذا الأمر يتيح ملاحقتهم من قبل مجلس النواب، وفق المادة 70 من الدستور.
وسيكون أمام الوزراء، وفق مالك، خيار دستوري واحد للتوقف عن عملهم، وهو التقدم لرئيس الجمهورية، قبل انتهاء ولايته، لإعفائهم من مهامهم، وهو الذي يتعين عليه إذا قبل طلبهم، تعيين وزراء بدلاً منهم بالاتفاق مع رئيس الحكومة على غرار ما حصل مع وزير الخارجية شربل وهبي حين عُيّنت الوزيرة زينة عكر بديلة له وكما تعيين وزير الإعلام زياد مكاري خلفاً لجورج قرداحي.