العلاقات تتحسن.. هل يمكن أن يسير باسيل بفرنجية رئيسًا للجمهورية؟!
في ظلّ تراجع الملف الحكومي على وقع “جمود” عطلة عيد الأضحى المبارك، فُتِح “بازار” الرئاسة على مصراعيه، ليبدأ الحديث عن مرشحين “جديين”، في مقدّمهم وفق التسريبات المتداولة، رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، الذي يبدو أنّ أسهمه ترتفع ليكون بالحدّ الأدنى مرشح قوى “8 آذار” الرسميّ للاستحقاق المُنتظَر، ولو أنّه يطمح لما هو أوسع من ذلك، في ضوء “انفتاحه” على مختلف الأفرقاء.
وإذا كان فرنجية يواجه، وفق كثيرين، مسارًا معقّدًا، في ظلّ ما يُحكى عن بدء البحث عن مرشح “توافقي”، خصوصًا بعد المواصفات التي وضعها البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي دعا لانتخاب رئيس “متجرّد وفوق الاصطفافات والمحاور والأحزاب”، فإنّ طريقه لا تبدو مزروعة بالورود، حتى في صفوف “الحلفاء والأصدقاء”، في ظلّ العلاقة “الشائكة” بينه وبين رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل.
ومع أنّ هناك من يتحدّث عن “تحسّن نسبي” في العلاقات بين الرجلين، اللذين كانا قبل أشهر قليلة “خصمين شرسين”، تطبع “القطيعة المطلقة” علاقتهما، فإنّ هناك من يسأل عمّا إذا كان باسيل، الطامح بدوره للرئاسة، “في وارد” القبول بالسير بـ”تسوية” انتخاب فرنجية رئيسًا للجمهورية، وأبعد من ذلك، عن “الثمن” الذي سيكون على فرنجية ربما “دفعه” من أجل الحصول على دعم نواب “التيار” في معركته.
مؤشرات “جدية”
يتحدّث العارفون عن العديد من المؤشرات على “تحسّن” العلاقات بين كلّ من فرنجية وباسيل في الآونة الأخيرة، بل على فتح “صفحة جديدة” بينهما على أبواب الاستحقاق الرئاسي المقبل، وقد بدأت تُرصَد منذ الإفطار الرمضاني الشهير الذي جمعهما برعاية الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، الذي يُقال إنّه يعمل على “تطويره” من خلال “مصالحة عامة” تمهّد لخوض معركة الانتخابات الرئاسية بشكل موحّد.
ورغم أنّ الانتخابات الرئاسية لم تكن بين “موائد” الإفطار المذكور، فإنّ المؤشرات تتالت بعد ذلك، وفق المتابعين، حيث تراجعت “الحرب الكلامية” بين الجانبين، وغاب “التراشق” الإعلامي والسياسي بينهما إلى حدّ بعيد، حتى إنّ وجوهًا من تيار “المردة” عادت لتطلّ عبر إعلام “الوطني الحر” بعد انقطاع دام لسنوات، قبل أن تدعم بنشعي مرشحي “التيار” في انتخابات هيئة مكتب المجلس، ولا سيما من خلال انتخاب الياس بو صعب نائبًا لرئيس البرلمان.
أما آخر هذه المؤشرات، وربما أهمّها، فتمثّل باللقاء اللافت الذي جمع في عطلة نهاية الأسبوع كلاً من رئيس “التيار الوطني الحر” والنائب فريد هيكل الخازن، المقرّب من فرنجية، وعضو “التكتل الوطني المستقل”، المحسوب عليه، علمًا أنّ العارفين وضعوا هذا اللقاء في خانة سلسلة لقاءات قد يعقدها الخازن في المرحلة المقبلة، من دون أن يستبعدوا أن يكون “ممهّدًا” لاجتماع بين باسيل وفرنجية في المقبل من الأيام، إذا ما توفّرت أرضية مناسبة له.
هل من “ثمن”؟
لكن، إذا كانت العلاقات تتحسّن بين باسيل وفرنجية، فإنّ ذلك لا يُعَدّ مؤشّرًا كافيًا لإمكانية تبنّي الأول لانتخاب الثاني رئيسًا، علمًا أنّ العلاقات بين الجانبين كانت أكثر من “متينة”، بل إنّ فرنجية كان جزءًا من التكتل النيابي لـ”التيار الوطني الحر”، حين وقعت “الواقعة” بينهما، عندما شعر “البيك” أنه اقترب من قصر بعبدا، بل بدأ بتقبّل التهاني، فإذا بـ”العونيّين” يقطعون عليه الطريق نحو بعبدا، ويفتتحون “خصومة” ستستمرّ طيلة سنوات “العهد”.
وفي هذا الإطار، ثمّة من يعتبر أنّ “العونيّين” لن يدعموا فرنجية للعديد من الأسباب، أولها اعتقادهم أنّ وصف “الرئيس القوي” لا ينطبق عليه بالمُطلَق، بعد عجزه عن إيصال أكثر من نائب واحد إلى البرلمان بموجب الانتخابات الأخيرة، هو نجله، في حين تمّ “خرقه” في قلب زغرتا بنائبين، من دون أن ننسى “طموح” باسيل، الذي يصفه بعض المقربين منه والمحسوبين عليه، بـ”المرشح الطبيعي للرئاسة”، لما يتمتع به من ثقل سياسي وحيثية شعبية كما يقولون.
لكن، ولأنّ حظوظ باسيل تكاد تكون “معدومة”، وفق ما يقول بعض المقربين منه قبل خصومه، بالنظر إلى العقوبات الأميركية المفروضة عليه، وعدم قدرته على تأمين أيّ دعم خارج عباءة “حزب الله”، الذي يعتقَد أنّه “يفضّل” فرنجية، يعتقد كثيرون أنّ رئيس “التيار الوطني الحر” قد يلجأ إلى دعم فرنجية، وأنّ “التشكيك” بذلك جزء من “المناورة”، في سبيل “قبض الثمن” سلفًا، وهو “ثمن” قد يرتبط في جانب منه بـ”المكاسب” التي سيحصدها، في “العهد” وما بعده أيضًا.
صحيح أنّ المعركة الرئاسية لن تكون بين باسيل وفرنجية، كما كان “يراهن” الأول، وأنّها أصبحت في جانب منها بين فرنجية ومرشح آخر، قد يكون شخصية توافقية من خارج المنظومة، لكنّ الأكيد أنّ رئيس “التيار الوطني الحر”، وفق ما يقول العارفون، لن يسلّم بالأمر الواقع، إلا مقابل “ثمن ما”، فهو لم يعتد أن يقدم “هدايا مجانية”، ولن يفعل ذلك في انتخابات رئاسية ينتظرها الجميع!