محليات

“معادلة ذهبية” جديدة…لا حكومة لا رئاسة

مَن يعرف كيف يتصرّف البعض في ما تبّقى من ولاية العهد الحالي، وهي أشهر  قليلة، يدرك أن لا شيء يوحي بإمكان الإفساح في المجال أمام تأليف حكومة أصيلة تحلّ مكان حكومة تصريف الأعمال. والسبب في كل ذلك أن من وجد نفسه “مزروكًا” في زاوية الإستشارات النيابية الملزمة، عليه التعامل مع الواقع الجديد وفق ما ينصّ عليه الدستور.

فتسمية الرئيس المكّلف لتشكيل الحكومة ليس خيارًا أو إنتقاء بحسب الميول السياسية لهذا البعض، بل هو أمر واقع تمامًا كأي أمر دستوري آخر يفرضه الدستور من خلال أصوات النواب، سواء أكان على مستوى الرئاسة الأولى أو الرئاسة الثانية. فما تقرره الأكثرية النيابية يصبح ملزمًا للجميع. وعلى هذا الأساس يُفترض أن يتم التعامل مع أي رئيس على أنه أمر واقع جديد، بغض النظر عمّا إذا كان رئيسًا للجمهورية أو رئيسًا لمجلس النواب أو رئيسًا مكّلفًا على “ذوقنا” أم لا.

ولأن هذا البعض لم يسمِ الرئيس نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة، ولأن حلفاءه المفترضين لم يجاروه في عدم تسميته، ولأنه تّم التكليف من دون أن يكون له رأي مؤثرّ فيه، كان لا بدّ له من عرقلة التأليف، وذلك من خلال محاولة فرض شروط لم تكن مقبولة يوم كان العهد في بداياته، فكيف الحال وهو على مشارف الأفول.
الجميع يذكرون، وقبل التكليف، مقولة أن الرئيس ميقاتي يُكّلف ولكنه لن يؤّلف. وأصحاب هذه المقولة معروفون بالإسم والعنوان، وهم يجاهرون بذلك من دون “مستاحاة”، وهم يطبّقون اليوم القول بالفعل.
يعتقد هذا البعض أنه بتعطيل تأليف حكومة جديدة بالمواصفات التي يراها الرئيس ميقاتي أكثر ملاءمة مع الواقع الخطير الذي يعيشه لبنان يسيء إلى الرئيس المكّلف، فيما الحقيقة غير ذلك. الإساءة غير المقصودة من قِبَل هذا البعض إنما تستهدف العهد في آخر أيامه، وكأنه لا يكفيه ما أنزل به من تشوّهات على مدى ست سنوات.
فالحكومة ليست لبيت بيّ نجيب ميقاتي. إن شُكّلت وفق ما يفرضه المنطق السليم البعيد عن المحاصصات والزبائنية كان به. وإذا لم تّشكّل فإن الرئيس المكّلف هو في الوقت نفسه رئيس حكومة تصريف الأعمال، التي تقوم بواجبها بكل ضمير، ورئيسها وبعض أعضائها مرتاحون بقدر  ما تسمح به الظروف الضاغطة، ووفق المفهوم الضيق لتصريف الأعمال.
يظّن هذا البعض، وهو على خطأ، أنه من خلال وضع العصي في دواليب تأليف الحكومة يستطيع أن يمسك بخيوط الإنتخابات الرئاسية الأولى، وذلك بعدما تيقّن أن حظوظه الرئاسية في المعادلتين الداخلية والدولية تساوي صفرًا مكعبًا.
مشكلة هذا البعض أنه توهمّ بأن الرئاسة بعد عهد ميشال عون ستكون إمتدادًا للنهج الذي كان متّبعًا، وأن ما لم يستطع الرئيس الحالي تحقيقه “لأنهم ما خلّوه يشتغل” سيكون في مقدور الخلف القيام به، وذلك بعدما أصبحت لديه الخبرة الكافية في كيفية مواجهة “الذين ما خّلونا”.
ولكن غاب عن بال هذا البعض أن من يعرقل في التأليف سيجد نفسه أمام معادلة جديدة، وهي عدم قدرته على التحكّم بـ”لعبة” الإنتخابات الرئاسية، أقّله لناحية إقناع حليفه بعدم السير بمرشح آخر، وإن كان من المحور السياسي نفسه. وهذه العقدة الناتجة عن خيبات الأمل أملت عليه التصرّف كخبط عشواء، ومن دون أفق واضح، سواء بالنسبة إلى المرحلة الراهنة، أو بالنسبة إلى ما هو آتٍ من إستحقاقات داهمة.
ومن بين هذا التخبّط العشوائي ما سمعه اللبنانيون مؤخرًا على لسان أكثر من مسؤول تابع لتيار هذا البعض، وهي أن الرئيس المكّلف هو الذي يضع العصي في دواليب التأليف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى