لماذا لا يريد باسيل تشكيل حكومة جديدة ؟
هل يريد رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل فعلا ان تتشكل حكومة ، هي الاخيرة في عهد عمه ومؤسس “التيار” الذي يرأسه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ؟
في المبدأ الجواب هو نعم لان باسيل يكثر من الدعوة الى ضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة، محددا لها مواصفات ومعايير وضوابط وغيرها من التعابير المطاطة القابلة لكل تفسير …
اما فعليا فثمة من يرى ان رئيس ” تكتل لبنان القوي” غير متحمس كي تكون في البلاد حكومة جديدة يعرف انها لن تكون قادرة على فعل الكثير خلال فترة زمنية لن تتجاوز 3 اشهر في احسن الاحوال بفعل انتهاء ولاية الرئيس عون مع نهاية شهر تشرين الاول المقبل ، فضلا عن انه يدرك ، بالممارسة لاسيما نهج التعطيل ، ان الافرقاء السياسيين لا ينوون اعطاء رئيس الجمهورية في نهاية عهده ما لم يعطوه اياه طوال 6 سنوات من التصادم المباشر حينا وغير المباشر احيانا . كذلك يعرف باسيل ان اي تركيبة حكومية جديدة لن تكون له فيها الحصة التي نالها عبر الرئيس عون في الحكومة المعتبرة مستقيلة منذ بداية ولاية مجلس النواب الجديد .
ويضيف العارفون بعقل باسيل انه قيّم الوضع بعدما فشل في تعطيل تكليف الرئيس ميقاتي من خلال ” استحضار” شخصيات سنيّة من الخارج لعجزه عن ايجاد شخصية في الداخل تقبل باملاءاته الحكومية ، وبعد هذا التقييم خلص الى اعتماد الاستراتيجية الاتية :
⁃ اولا : التسليم بتكليف ميقاتي مجددا لكن باصوات قليلة كي يظهر انه “ضعيف “وبحاجة الى ” وصاية ” من باسيل لتمكينه من تشكيل الحكومة الجديدة ، وهذا ما لم يتحقق نتيجة مواقف الرئيس المكلف .
⁃ ثانيا : محاولة فرض الصيغة الحكومية التي يريدها من خلال “قلم” التوقيع الذي يملكه الرئيس عون لتوقيع مرسوم تشكيل الحكومة العتيدة ، لاسيما وانه كان قد جهز الاسماء المقترحة . لكن مسارعة الرئيس ميقاتيالى تقديم تشكيلة الى الرئيس عون قابلة للتعديل في موقعين او ثلاثة ، قطعت الطريق على الخيار الثاني من خطة باسيل الذي لجأ الى ايراد اسباب يعرف هو قبل غيره انها واهية .
⁃ ثالثا : الخيار الثالث الذي راود باسيل منذ اللحظة الاولى هو التمسك بالحكومة الحالية لانه كان يعرف ان للخيارين الاولين محاذير تجعلهما غير قابلين للتحقيق . وغطّى باسيل الخيار الثالث بمواقف تنادي بضرورة الاسراع بتشكيل الحكومة وعدم القبول باستمرار الواقع الراهن الخ …
اما لماذا بات باسيل يدعم بقاء الحكومة الحالية ، فالجواب بسيط وسهل، ذلك ان رئيس”التيار البرتقالي”يستشرف ، مثل غيره ، ان البلاد مقبلة على فراغ رئاسي قد يمتد شهورا بفعل التجاذبات السياسية الراهنة ، وبالتالي فان الحكومة الحالية التي يعتبر ان له فيها 7 وزراء فعليين وثامن مقنع ،ستتولى صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة ، وبالتالي ، وفق تقدير باسيل، يستطيع التحكم بقراراتها وبادائها خصوصا ان التقليد – وليس الدستور – قضى عن غير حق ولا مسوغ قانونيا – بان تتخذ القرارات وتصدر المراسيم بتواقيع جميع اعضاء الحكومة ، وبالتالي سيتمكن باسيل من ممارسة وصايته الكاملة بدلا من رئيس الجمهورية التي تكون ولايته قد انتهت …خصوصا ان حصته في اي حكومة جديدة لن تكون كما كانت في الحكومة الحالية . ومن خلال هذه ” الوصاية ” تضاف ورقة على الاوراق التي يملكها باسيل للتفاوض في الاستحقاق الرئاسي الذي بدأت ملامحه ترتسم من خلال “لقاء اللقلوق” الذي استضاف فيه باسيل النائب فريد هيكل الخازن حليف وصديق زعيم تيار “المردة” سليمان فرنجيه الابرز راهنا من بين المرشحين لخلافة الرئيس عون اذا توافرت الفرص الداخلية والخارجية له .
وفي تقدير باسيل ، حسب المقربين منه ، ان بقاء الحكومة الحالية بوزرائها الحاليين – ومنهم من هو مطواع اكثر من غيره – افضل لمتابعة المسائل التي تهم باسيل في مختلف الوزارات ،لاسيما وزارة الطاقة والمياه التي نُزعت من يده ، لان مجيء وزراء جدد يسبب استهلاكا في الوقت حتى يتعرفوا على وزاراتهم ويحسنوا التعاطي مع ملفاتها ، والمثل الشعبي يقول ” قديم بتعرفو ولا جديد تتعرف عليه “!
وبعد هل من يسأل لماذا يعرقل باسيل تشكيل حكومة جديدة ويغطي موقفه الحقيقي بشعارات ذات منسوب عال يحتاج اليها لاستعادة شعبية ظهر تراجعها جليا في ارقام صناديق دائرة البترون خصوصا ، فكيف اذا جرى احتساب ارقام اقلام الانتشار ؟