محليات

إذا لم تُشكّل حكومة أصيلة… ماذا سيحصل ؟!

أطل عيد الاضحى المبارك هذه السنة على اللبنانيين  مثقلًا بالهموم والمشاكل التي لا تعدّ ولا تُحصى لكثرتها.
فمع كل إشراقة شمس يواجه اللبنانيون معضلة جديدة تُضاف إلى ما سبقها من تراكمات تجعل حياتهم أصعب، خصوصًا في غياب أي بادرة حل لا تزال ممكنة في حال إقترنت أقوال البعض بأفعال ملموسة، ولم تبق مجرد صفّ كلمات لا تقدّم ولا تؤّخر في شيء مما يعانيه اللبنانيون في يومياتهم، التي أصبحت تشبه كل شيء ما عدا الحياة الطبيعية التي تعيشها شعوب العالم.
سمعنا قبل حلول العيد أمنيات كثيرة إستوحت من معاني العيد الكثير مما تعنيه التضحية. وسمعنا نصائح من بعض الذين يصنّفهم الشعب في خانة المعرقلين. هذه النصائح  تدعو إلى ضرورة التضحية بالذات بدلًا من التضحية بالوطن.
لهؤلاء يقول الناس: أيها الطبيب طبّب نفسك. أو بمعنى آخر، ومن وحي العيد: قبل أن ترى القشّة التي في عين أخيك، أنظر إلى الجسر الذي في عينك.
ولأن هذا البعض يصرّ على الإختباء وراء إصبعه، ولأن ما يواجهه لبنان هو من بين المراحل الأصعب في حياته الحديثة والقديمة، ولأن لا بوادر لحلحلة قريبة للموضوع الحكومي، فإن الإهتمام اليوم ينصّب على محاكاة الواقع بما فيه من مآسٍ وويلات، وذلك من خلال تفعيل تدريجي للعمل الحكومي عبر الإجتماعات المكثّفة التي يعقدها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع جميع الوزراء من دون إستثناء في السراي الحكومي، بما يشبه إلى حدّ كبير “ميني جلسات حكومية”، بهدف التفتيش عن الوسائل الممكنة والمتاحة للتخفيف قدر الإمكان عن كاهل المواطنين، أقّله في إنتظار آوان الحلول الكبرى، التي لن تأتي بسحر ساحر، بل من بوابة الإتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي. وهذا الأمر لن يتم إذا لم تُشكّل حكومة أصيلة تتولى إقرار هذا الإتفاق، الذي يجمع عليه مختلف المكّونات السياسية، على رغم بعض التحفظات التي يبديها البعض لجهة الشروط التي يفترحها الصندوق الدولي.
وعلى رغم أهمية إجتماعات السراي الحكومي فإنه يجب ألا يغيب عن بال أحد أن عامل الوقت الداهم لا يصبّ في مصلحة أحد، وبالأخصّ الرئاسة الحالية للجمهورية. ولأن تضييع الوقت، كما الفرص، ليس سمة من السمات الأساسية التي يجب ألا تكون أولوية في حسابات أي مسؤول، فإن الاسراع في إتخاذ خطوات إستباقية، ومن أبرزها تشكيل حكومة جديدة، تواكب الاشهر الاخيرة من عهد الرئيس ميشال عون وانتخاب رئيس جديد للبنان، بات أمرًا أكثر من ملحّ ومطلوب قبل أي شيء آخر، وذلك تحسبًّا لأي فراغ يمكن أن يحصل على مستوى الرئاسة الأولى، وهو أمر إعتاد عليه اللبنانيون في سنوات العهدين الأخيرين.
ولتلافي كل هذا لا بدّ من معاودة التواصل بين بعبدا والسراي على أساس إمكانية التوصّل إلى توافق جدّي ومسؤول حول آلية تشكيل الحكومة العتيدة، إنطلاقًا من المسودّة التي قدّمها الرئيس ميقاتي إلى الرئيس عون، مع إستعداد الرئيس المكّلف لمناقشة أي صيغة معدّلة لهذه المسودّة بما يخدم الهدف، الذي من أجله وضعت هذه الصيغة، بما يتناسب مع روحية الدستور، وبما يؤّمن إنتاج حلّ يرضي الجميع، ويحقّق أمنيات البعض، الذين يطالبون بضرورة التضحية بالمصالح الشخصية بدلًا من التضحية بالوطن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى