فوضى وعشوائية في أخطر ملف..
لم تَغِب تداعيات ملف ترسيم الحدود البحرية ومسيّرات “حزب الله”، عن واجهة المشهد الداخلي رغم الإنشغال بالملف الحكومي المأزوم، إذ أن الضبايبة والإلتباس والتباين في المواقف على مستوى السلطة والمرجعيات المعنية بالترسيم، قد رسم شكوكاً حول الموقف الفعلي من مجمل عملية التفاوض المستمرة. وقد لاحظ الكاتب والمحلّل السياسي نبيل بو منصف، أن الإنقسام بات أمراً واقعاً، خصوصاً بعدما تحدّثت كل الأطراف بإسم المرجعية الأساسية المعنية بالترسيم، وتناولت مسيّرات الحزب، إلاّ الرئيس ميشال عون.
وقال الكاتب بو منصف، لـ “ليبانون ديبايت”، إنه في الوقت الذي عارض فيه كلّ من وزير الخارجية عبدالله بوحبيب ومستشار عون في ملف الترسيم نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، إطلاق المسيّرات، إتخذت قوى سياسية أخرى موقفاً مؤيداً منها، فيما توقّع رئيس الجمهورية تقدماً في الوساطة الأميركية، وإمكان التوصل إلى حلّ، ما أوحى بوجود تباين في الموقف، أو على الأقلّ تمايز بين موقف فريق العهد وحلفائهم وفي مقدّمهم “حزب الله”.
وفي هذا السياق، كشف بو منصف، عن أن رئيس الجمهورية يسعى في الأشهر الأخيرة من ولايته إلى التمايز عن حليفه في ملف الترسيم، ولكن من دون إعلان معارضته له، مع العلم أن إنجاز الترسيم، سيؤمّن للرئيس عون الفرصة لتحقيق خطوة ناجحة قد تعوّض عن الخطوات الخطيرة التي حصلت في عهده.
وبحسب بو منصف ، فإن التباين في الموقف السياسي من الترسيم، امتدّ إلى كلّ القيادات السياسية والحزبية، وشدّد على أن ملف التفاوض، يجب أن يبقى في عهدة الدولة وعون أخذه على عاتقه، ومن غير المقبول أن يقوم أي طرف داخلي بالتشويش عليه.
ورداً على سؤال، عن واقع المفاوضات والوساطة الأميركية، تحدّث بو منصف، عن معلومات متناقضة ما زالت ترد إلى بيروت، مشيراً إلى أنه حتى في الإعلام الإسرائيلي القادر على الوصول إلى وقائع وحقائق أكثر من كلّ الصحف في العالم، ظهرت معلومات متناقضة حول سلبيات وإيجابيات في هذه المفاوضات، خصوصاً وأن الوضع السياسي في إسرائيل مضطرب ويرخي بذيوله على ملف الترسيم، وهذه المعادلة تنسحب على لبنان، حيث الإنقسام السياسي واضح في كل العناوين.
لكن بو منصف، لا يتوقّع أن يتّجه الترسيم إلى خواتيم إيجابية، وإن كان يتمنى أن “يكون ما أعلنه رئيس الجمهورية في إطلالته الأخيرة واقعياً، لأن كل اللبنانيين لديهم مصلحة بأن يكون كلامه صحيحاً، لأن إنجاز الترسيم سيحقّق ربحاً للبنان بعدما انزلق إلى تحت الحفرة”.
وأضاف بو منصف، إن البلد مفلس، مشيراً إلى ما قاله الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين في بيروت أخيراً، عن أن لبنان ليس لديه شيء ليخسره إذا تابع المفاوضات، مؤكداً أنه لا يكفي التمسّك بالموقف والحقوق، بل يجب استخدام هذه الحقوق من خلال تسييلها والإفادة منها، وليس البقاء على مسافة بعيدة والإعلان فقط عن هذه الحقوق، لأن لبنان سيكون الرابح الأكبر وليس إسرائيل، إذا نجحت المفاوضات.
لكنه عاد وكرّر على التركيز على علامات الإلتباس في الموقف اللبناني، وكأن هناك توزيع أدوار أو فوضى وعشوائية في المقاربات في ملفٍ بالغ الخطورة، علماً أنه ليس ملفاً داخلياً، بل هو ملف تفاوض مع عدو وبوساطة أكبر دولة في العالم، وعلى ثروة باتت اليوم قيّمة جداً بسبب الهجمة العالمية على الغاز بعد أزمة حرب روسيا على أوكرانيا.
وعن أسباب هذا التناقض، يرى بو منصف، أن كل فريق سياسي يمسك بجانبٍ من ملف الترسيم ويريد تحقيق إنجاز بمفرده، بينما لبنان في حالة دراماتيكية لا توصف، وإذا فشلت المفاوضات لن يجد لبنان أي دولة خارجية إلى جانبه.
“ليبانون ديبايت”