بعبدا تستمزج دار الفتوى… والمفتي: طبقوا الدستور فلن ازكّي!
صعبة جدا مهمة الرئيس نجيب ميقاتي، في مجال العودة الى السراي الحكومي للمرة الرابعة، لا بل بالغة الصعوبة. فالظروف التي أمّنت عودته في التكليف الثالث على رغم صعوبتها، تبدّلت الى الاصعب اليوم، وما شهدته حكومة “معا للانقاذ” من مناكفات وعرقلة وتحديدا بين ميقاتي والتيار الوطني الحر، لم يترك للودّ من مكان بين الطرفين، فخرج المستور الى العلن واعلن كل فريق موقفه الذي يبدو ان لا رجوع عنه، الا اذا…
وبعدما اعلن النائب جبران باسيل ان نواب “لبنان القوي” لن يسموا ميقاتي الذي لن يرضخ للمساومات كما اكد، تعقدت الامور وفتح حزب الله خطوط اتصالاته في الاتجاهين لمحاولة رأب الصدع، وهو المؤيد لعودة ميقاتي والمنزعج من اداء باسيل ، الذي تكشف مصادر معارضة انه رغم نفيه مطالبته ببعض الحقائب الاساسية في الحكومة كشرط للقبول بميقاتي، الا انه يسعى خلف الكواليس الى تطويب حقيبة الخارجية له شخصيا ، ومنح “الطاقة” للنائب ندى البستاني، والبيئة لفادي جريصاتي والعدل لهنري خوري، اضافة الى المطالبة بتشكيلات دبلوماسية وتعيينات ادارية تقبع الرموز الحريرية في السلطة.
ازاء هذا الواقع، انبرت كل القوى السياسية الداخلية في الفترة الفاصلة عن الاستشارات يوم الخميس المقبل، الى دراسة كل السيناريوهات والنتائج المحتملة تجنبا لأي دعسة حكومية ناقصة، وبات باب الاحتمالات كلها مفتوحا على مصراعيه، بما فيه تعويم حكومة تصريف الاعمال دستوريا الى حين انتخاب رئيس جمهورية خلفا للرئيس ميشال عون، اذا تعذر الاتفاق. الا ان المصادر المعارضة تؤكد لـ”المركزية” ان اي تكليف او تشكيل لا بد ان يأخذ في الاعتبار الرغبة الفرنسية، التي لا تمانعها دول الخليج وتحديدا السعودية ببقاء ميقاتي اذا ما أخذ بالمواصفات العربية والغربية، لاسيما من الدول المانحة ، لاداء الحكومة ورئيسها، ورفض ما كان يحصل مع الحكومات السابقة من ارتكابات وفساد لم يعد له من مكان.
ابرز التحركات والاتصالات، بحسب المصادر، سُجل على خط بعبدا دار الفتوى. اذ تكشف ان الاولى تواصلت مع الثانية متمنية على المفتي عبد اللطيف دريان، تزكية شخصية سنية للموقع الحكومي، اثر زيارة للقصر الجمهوري، الا ان الخطوة لم تحظ بالموافقة لانها في هذا التوقيت بالذات ستفسر خطأ وتحمل الكثير من التأويلات ، عدا عن ان دار الفتوى موقع جامع لا يجوز ان يصبح فئويا. واشارت الى ان الرد جاء باختصار ان المفتي لا يريد اقحام الموقع السني الروحي في قضية دستورية ويدعو الى تطبيق الدستور.
وتوازيا ، اشارت المصادر الى الحركة السعودية اللافتة على الخط السني، عشية الاستشارات، حيث زارالسفيرالسعودي وليد البخاري، بعد عودته من السعودية، دارالفتوى، ثم الرئيس فؤاد السنيورة وعددا من القيادات والنواب السنّة، الامر الذي يقرأ في خانة محاولة لم الشمل السني وتوحده حول شخصية تتولى رئاسة الحكومة، وهي حركة تشبه تماما اخرى قام بها البخاري قبيل الانتخابات النيابية لتأمين المشاركة السنية في الانتخابات تكللت بالنجاح.
اما قوى المعارضة، فلم تتوصل بعد الى هدف التوافق على اسم شخصية واحدة تسميها في الاستشارات، وتقول اوساطها ان الاتصالات في ما بينها وبين “المستقليين والتغييريين” لا تهدف الى الاتفاق على اسم الرئيس، بل الى العناوين الاساسية التي تنقذ البلد عبر حكومة واضحة الاهداف والسياسات الاقتصادية والمالية.حكومة تهيء الاجواء لتأمين انتخاب رئيس جديد للجمهورية من خارج الاسماء التقليدية المطروحة لا سيما باسيل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجيه ، ذلك ان اوضاع البلاد لم تعد تحتمل تجارب مماثلة، ونموذج العهد القوي ابلغ دليل.
ازاء هذه السيناريوهات، تبقى وجهة الرصد متجهة نحو حزب الله وما ستؤول اليه جهوده في مجال اقناع حلفائه بالعودة الى نموذج حكومة ميقاتي التي يعتبرها جامعة ، باعتبارها الافضل والاكثر قابلية للولادة في ظل الظروف الراهنة، استنادا الى التجربة المريرة في تشكيل الحكومات قبل تكليف وتأليف “معا للانقاذ”. ويدعو من هذه النافذة تحديدا الافرقاء جميعهم الى المشاركة فيها، غامزا من قناة معراب، التي حددت شروطها الصعبة لهوية الرئيس وبرنامج حكومته، وهي غير متطابقة حكما لا مع شخصية ميقاتي ولا مع تجربة حكومته ” اللا انقاذية”.
ثلاثة ايام بالتمام تفصل عن استشارات الخميس، فهل تنجح الاتصالات في اتفاق القوى السياسية على اسم يحظى بالاكثرية يُكلف التشكيل، علما ان التكليف لا يحتاج دستوريا الى الغالبية، ام تضطر بعبدا الى التأجيل؟
المصدر: المركزية