برلمان 2022… مجلس تشربع أو مجلس show off؟
منذ اكثر من مئتي سنة، بدأت الحياة التشريعية في لبنان، حيث في أيام محمد علي باشا في عهد الحكم المصري لبلاد الشام، أسس مجلس مشورة في مدينة بيروت، يضم 12 عضوا مسلما و12 عضوا مسيحيا، من العام 1832 حتى 1840.
ومنذ ذلك الحين ولغاية اليوم ما زالت المناصفة السمة الاساسية المستمرة… وخلال هذا الزمن عرف لبنان كبار المشرّعين، ولكن على وقع الازمات اصبح عمل المجلس النيابي في حدوده الدنيا، بما يمكن وصفه مرآة عن واقع الحال والازمات… فعلى سبيل المثال في العام 2021 عقد مجلس النواب فقط 7 جلسات على الرغم من الازمة المريرة التي يمر بها البلد منذ العام 2019، ويفترض معها ان يكون مجلس النواب خلية نحل تشريعية، الا انه بدل ان يقر مشروع الكابيتال كونترول بجلسة وحيدة، فان الاقتراح مطروح منذ عامين امام المجلس السابق وورثه المجلس الحالي.
علما انه “في العام 1967 اجتمع مجلس النواب برئاسة الرئيس صبري حمادة وأقر في اقل من نصف ساعة طلب الحكومة وصدر القانون الرقم 45/67 تاريخ 5 حزيران 1967، ‘بإعطاء الحكومة حق التشريع لمدة شهرين بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء في القضايا الاقتصادية والمالية والقضايا المتعلقة بالسلامة العامة والأمن الداخلي والأمن العام”.
ما الذي سيقوم به مجلس العام 2022؟ اذا كان “المكتوب يقرأ من عنوانه” فان الامر لن يبشر بالخير، حيث الجلسة الاولى كما وصفها مرجع نيابي سابق هي “مسرحية هزلية”، قائلا: يبدو ان بعض النواب – لا سيما الجدد منهم – يحبون الـ show off، وهو امر وان كان شعبويا او لافتا للنظر الا انه لا يترجم تشريعيا، خصوصا واننا في زمن نحتاج فيه الى كبار المشريعين من امثال ادمون نعيم والبير مخيبر…
من جهة اخرى، يعتبر الوزير السابق ادمون رزق – الذي لعب دورا هاما في صياغة اتفاق الطائف كعضو في لجنة صياغة وثيقة الوفاق الوطني- أن “بَتولية” التغيير هي عمل الشعب ولا يمكن ان تأتي من فوق. قائلا، عبر وكالة “أخبار اليوم”، الانتخابات هي الاختيار، والمسؤولية هي على الناخب اي على الشعب اللبناني، مذكرا ببيت شعر من قصيدة نيرون للشاعر خليل مطران:
كلّ قَوْمٍ خالقو «نَيْرونُهم» «قَيْصَرُ» قيلَ لَهُ أَمْ قِيل «كِسْرى»!
وردا على سؤال، يوضح رزق ان للمجلس النيابي 3 مهام اساسية :
– التشريع كونه السلطة التشريعية،
– مراقبة الحكومة ومحاسبتها،
– انتخاب رئيس الجمهورية.
ويشدد على ان المجلس هو السلطة التشريعية اي واضع القوانين والرقيب على السلطة التنفيذية وهو الذي يختار السلطات: اي ينتخب رئيس الجمهورية ويعطي الثقة للحكومة.
ويلفت الى انه في الدستور المعدل اي دستور الطائف “وضعنا شرطين لتولي المسؤوليات، الكفاءة والاختصاص”، وبالتالي المطلوب ان يعود هذان الشرطان ليحلا مكان الوجاهة، مضيفا: بالنسبة الى مفهوم الزعامات، السلطة هي وجاهة بينما هي في الواقع مجال للخدمة، اي “الرئيس الخادم”.
ويتابع: بكل اسف ثقافة الخدمة مفقودة عندنا ولم يبق الا ثقافة الوصول والتسلط والغاء الآخر، في حين ان النظام الديموقراطي هو الاعتراف بالآخر والتكامل معه، اي بين الموالاة او الحكم وبين المعارضة، حيث يجب ان يكون تعاون وتكامل بدل العداء وتنازع على السلطة!
ويختم: الديموقراطية هي تسابق على الخدمة وليست تنازعا على السلطة!.
المصدر: أخبار اليوم