جعجع: نخوض التحدي لإخراج لبنان من “جحيمهم”!
قال رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، في كلمة له خلال الإفطار الذي نظمته “القوات” مساء الجمعة في معراب: “قد تكونُ صدفة جميلة ومعبّرة أن يلتقي الصومُ لدى المسلمين والمسيحيين أسابيع عدة، وأن يكون عيدا الفطر السعيد والفصح المجيد على مسافة قريبة، لكنّ عيشنا معا وشراكتنا التاريخية ليسا أبدا مجرد صدفة”.
وأضاف، “بل إنّهما نتيجةُ إرادة وطنية جامعة تتخطى الحسابات والأرقام لترتقي إلى نموذج فريد يجدُ جذوره البعيدة في النضال من أجل الحرية وكرامة الإنسان”.
وتابع، “من هنا نفهم معنى النهضة العربية التي كان اللبنانيون من أبرز روادها، ونفهم جوهر الوطن اللبناني، ومغزى الاجتماع اللبناني الذي يريدون اليوم إفراغه من مضمونه، عبر ضرب الصيغة الوفاقية والشراكة السويّة لمصلحة تكريس هيمنة فئوية ترتبطُ بمحور خارجي”.
واعتبر جعجع أن “هذا الإفطار هو لتذكير الجميع بأنّ لبنان متجذّرٌ في تمايزه، متمسكٌ بأوثق علاقات الأخوّة والمودة مع الأشقاء العرب خصوصا في الخليج العربي وعلى رأسهم الأشقاء في المملكة العربية السعودية التي تتعرض مع دولة الإمارات العربية المتحدة للاعتداءات ومحاولات الترهيب، كما سبق وتعرّض دورُها للتشكيك والتجني بدلا من الاعتراف بوقفاتها التضامنية المشهودة مع لبنان وجميع أبنائه”.
وزاد قائلاً، “بالرّغم من كل ذلك، أنا على ثقة بأنّ الأشقاء خصوصاً في الخليج ولا سيما في المملكة العربية السعودية لن يوفّروا جُهدا لتسهيل الحياة على اللبنانيين في هذه الأيام الصعبة، آملاً من “القيادة في “المملكة” إعادة النظر بقرار وقف الصادرات اللبنانية، بالأخص الزراعية والصناعية منها، نظرا لصعوبة الوضع الاقتصادي والمالي في وطننا في الوقت الحاضر”.
وأشار جعجع الى أن “جوهر الشهر الفضيل بما يعنيه من تضحية ومحبة وتعاضد إنساني يتخذ أبهى تجلياته في بلد كلبنان، حيث نريدُ لكلّ مواطن فيه أن يكون عزيزا كريما، بمعزل عن دينه ومذهبه”.
واستكمل، “نعم، في الصوم نتعلم قهر الذات ونوازع النفس والجسد، لكنّ اللبنانيين مقهورون سلفا ومسبقا، قهرتهم سلطة فاسدة تحابي الدويلة على حساب الدولة والمواطن، ولا تهتم الا بتعويم نفسها وبحماية فئة تقوّض السيادة الوطنية وتستقوي بالسلاح وتتسبب بالكوارث والمآسي وترفض إحقاق الحق وكشف الحقيقة”.
وقال، “نحن اليوم في صلب تحدّ بالغ الدقة ومواجهة قاسية تمسّ الكيان والهوية اللبنانية وجوهر الشراكة الوطنية”.
وأسهب جعجع قائلاً، “إنني ألفُت عنايتكم إلى كوننا أمام مفصل حاسم بين بقاء لبنان الميثاق والوطن والدولة والرسالة، كما اسماه قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، وبين زوال هذا اللبنان لمصلحة استتباعه وإلحاقه بما يُلغي علّة وجوده وفرادتهُ التاريخية”.
وأكد أن “الانتخابات المقبلة ليست مجرّد انتخابات مفصلية أو استثنائية فحسب، بل إنّها مصيرية، لأنّ ثمة من يريدُ تتويج سياساته الإلغائية والأحادية والارتهانية بخطوة أخيرة للقضاء على ما تبقى من لبنان الممانع لمحور الممانعة، للقضاء على ما تبقى من لبنان المقاوم للتي تسمّي نفسها مقاومة والتي لا تعنيها لا مصلحة لبنان ولا شعبه، بل تكرس سلاحها لخدمة النظامين الإيراني والسوري، وتستقوي به في الداخل لفرض أجندتها بمختلف الوسائل غير الشرعية وغير المشروعة، ثم تتلطى بحليف لا يعرف الا الطمع بالمناصب والجشع بالمكاسب والفساد وسرقة اموال الدولة والناس، ولو قاد هذا الحليف البلاد الى جهنّم التي بشرنا بها، ولكن بالفعل، أوصلنا إلى نارها، هذا هو الوعد الوحيد الذي صدق به”.
وتابع، “انطلاقا من هنا، الفرصة مصيرية لمنع رهان الاستيلاء الكامل على الدولة والمؤسسات، وتحويل لبنان منصة لاستهداف الأشقاء والأصدقاء وشرذمة الساحة العربية”.
وقال جعجع، “يريدون إفقار البلد لإخضاعه وتجويع اللبنانيين وحرمانهم الحد الأدنى من الحياة الكريمة لإذلالهم وتمنينهم بالفُتات الذي يأتون به من ايران وهذا ما لن يكون أبدا، لأن ثوابتنا ليست ثوابت فوقية، ثوابتنا هي ثوابت ضاربة في عمق التاريخ والضمير اللبناني والشراكة الفعلية، على خلفية انها ثوابتُ كل لبناني حر ومخلص ومحب لوطنه وأهله، أيا كان انتماؤُه”.
وأضاف، “ثوابتُنا هي ثوابتُ الناس الطامحين إلى ترسيخ وطن الحرية والتنوع، العيش الكريم والبحبوحة والانفتاح على المحيط العربي والمجتمع الدولي ولاسيما من بوابة الأمم المتحدة وقراراتها الدولية ذات الصلة بلبنان التي لم يعد من الجائز تجاوزُها أو إهمالُها لأنها قراراتٌ حاسمة، وبالأخص القرارات 1559، 1680، و1701 والتي لا تنتهي بمرور الزمن، ثوابتُنا هي ثوابت بناء الدولة العادلة النظيفة والقادرة، دولة القانون والمؤسسات، دولة الاقتصاد والعلم والحضارة والثقافة والازدهار، دولة الانسان”.
ورأى جعجع أن “المعركة الانتخابية قد تكونُ في منطلقاتها غير متكافئة، مع فريق يحكُم ويتحكم بالدولة على قاعدة حلف الفساد والدويلة، ويتصرف استنسابيا بالدستور والقانون، ويُمسك بمفاصل الدولة منكبّا على تدمير أركانها وتفكيك مفاصلها ويُسخّرُ أدوات السلطة لمصلحته، والدليلُ الأكثر حداثة على ذلك هو ما تقومُ به وزارة الخارجية اللبنانية من إجراءات وتدابير لعرقلة انتخاب لبنانيي الانتشار في دول الاغتراب”.
وأردف، “نحن نخوض التحدي ليس من أجل زيادة مقاعد نيابية والاستئثار بكرسي من هنا أو بحصّة من هناك، بل من أجل قيادة مسيرة خلاص لبنان وإخراجه من “جحيمهم”، و”نحنا بدنا، و نحنا فينا” إذا أعطانا اللبنانيون ثقتهُم، نخوضُ التحدي في مختلف الدوائر الانتخابية، إلا في ما ندر حيث لم تتوافر ايُّ مقوّمات لخوضه، اي في دائرة واحدة”.
واسترسل قائلاً، “نخوض التحدي تحت العنوان السيادي الذي يجمع ولا يفرق مع الإصرار على البعد الوطني والتنوع في اللوائح التي نتشارك في تشكيلها أو في دعمها حيث يتكاتف المرشحون مسلمون ومسيحيون بمواجهة من يريد الهيمنة على اللبنانيين من دون تمييز فيقمع أو يمنع أو لا يتورع عن الإلغاء عندما يجد لذلك سبيلا”.
ولفت الى أنه “نحنُ لا نراهن على ملء فراغ على حساب أحد، أو للتعويض عن غياب أحد، بل إننا نواجه لنحفظ مكانا ومكانة للجميع في هذا البلد، فالمواجهة هي بين أن نكون معا أحرارًا أعزاء، وبين ألّا نكون، أو نكون عبيدًا صاغرين، لا سمح الله، فالمواجهة هي بين أن نستسلم ونسلّم لبنان لمن يريدُه مُلحقًا أو ولايةً، وبين أن نتحدى ونتصدى لكي يبقى لبنان بلدًا بالدرجة الأولى، جمهورية فعلية قوية، بلد التآخي، بلد المساواة، وطن الحريات وحقوق الانسان”.
وقال جعجع: “المواجهة هي بين من يريد لبنان الذي يفتح صدره لمحبيه ولا يدير ظهره للأشقاء والأصدقاء، وبين من يريد تحويله إلى صندوق بريد وساحة مُستباحة ورهينة لمشاريع حروب وأحقاد لا تنتهي، ولا علاقة للشعب اللبناني بها لا من قريب ولا من بعيد”، مشيراً الى أن “ساعة الحقيقة تقترب، ساعة الحساب تدنو، وأرواح شهداء انفجار بيروت والتليل تستصرخ ضميرنا”.
ورأى ان “معاناة الشعب اللبناني بين من يكابد لقوت يومه ومن يتخذ الهجرة خيارا قسريا، تحضّنا على المزيد من الصمود والنضال، مسلمين ومسيحيين، لكي نستعيد لبنان من مغتصبيه، معتمدين على وعي شعبه وحيويته ورفضه الواقع الحالي وعلى دعم الأشقاء وتفهُّم الأصدقاء، كي ننصرف لإنقاذ وطننا بأنفُسنا”.
وختم جعجع بالقول””إن صومنا القسري طال كثيرا، ونأمل أن نفطُر في 15 أيار على لبنان جديد، لبنان التاريخ الذي عهدناه، المنارة والحضارة والثقافة، الجامعة والمعهد والمستشفى، الاقتصاد السليم والبحبوحة، لبنان شقيق فعلا لأشقّائه العرب كما كان دائما”.