برّي… “دولة الرئيس” للمرة السابعة؟
بأصوات 98 نائباً من أصل 128 عضواً في البرلمان وامتناع 30 نائبا ومعارضة النائبة بولا يعقوبيان نجح الرئيس نبيه بري في الاحتفاظ بمنصب رئيس البرلمان للمرة السادسة في انتخابات العام 2018، ليصبح صاحب أطول ولاية على رأس مجلس تشريعي في العالم العربي.
حامل لقب “دولة الرئيس” من دون منافس جدي منذ العام 1992،على رغم التغييرات التي طرأت على الساحة السياسية في لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية، في ظل هيمنة النظام السوري الذي كان داعما له، وبعد خروج الجيش السوري إثر اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري وما تلاه من تغيير في موازين القوى. فهل يشكر بري أعضاء مجلس نواب 2022 للمرة السابعة على وصوله بطريقة “ديمقراطية” لرئاسة البرلمان ويصبح إبن الـ84 عاماً واحداً من أكبر معمري رؤساء البرلمانات في العالم، أم يبدأ التغيير في رئاسة البرلمان بسقوط الأغلبية النيابية الموالية للثنائي الشيعي وفريق 8 آذار؟
على صفحته عبر “تويتر” غرد الوزير السابق يوسف سلامه وقال: “من أجل تحديد هوية الاصطفاف السياسي وطبيعته والمكانة الوطنية للقوى التي تدعي العفة والاخلاص، أسأل كل متحمّس لإجراء الانتخابات ورافع شعارات الاصلاح ومواجهة الممانعة، لمن سيصوت في رئاسة مجلس ١٥ أيار؟ أنتظر جوابه لأحكم على مدى مصداقيته، أخاف منه وعليه لأنه يحاول اغتيال الكيان”.
السؤال -الإستفتاء يرتبط حكماً بنتائج الإنتخابات -إذا حصلت – يقول سلامة لـ”المركزية” الذي لا يزال يشكك بإمكانية إجرائها “لكن في ما لو حصلت أجزم بأنها لن تحدث أي تغيير لأن الغالبية ستعيد انتخاب بري باستثناء حوالى 20 نائبا سيمتنعون عن إسقاط ورقة بإسمه. وهذه الغالبية ليست حصرا على الثنائي الشيعي إنما على كل القيادات من مختلف الطوائف التي تشكل منظومة متكاملة ومتضامنة مع بعضها”.
إزاء الشك بعدم حصول الإنتخابات وكذلك التغيير في حال حصولها يؤكد سلامة “أن لبنان على موعد مع الإنهيار الكبير الذي سيحصل قبل نهاية السنة ومن شأنه أن يطهّر الساحة من كل الطبقة السياسية”. ويوضح أنه “بعدما أوصلت المنظومة السياسية دولة لبنان الكبير إلى الإنهيار هناك لبنان جديد سيولد بهيكلية جديدة لكن بعد انعقاد مؤتمر دولي ودخول البلاد في فراغ ينتهي بولادة نظام جديد تماما كما حصل في العام 1920 تاريخ ولادة دولة لبنان الكبير، وانتخاب الرئيس شارل دباس رئيسا للجمهورية في العام 1926… وكأن 100 عام لم تكن من عمر وطن”، يختم سلامه.
قبل أن يصبح نائبا، تولى بري خمس حقائب وزارية في الفترة الممتدة من العام 1984 حتى العام 1992، حيث انتخب رئيساً لمجلس النواب اللبناني في 20 تشرين الثاني. ومنذ ذلك التاريخ لا يزال دولة الرئيس في منصبه. وفي حين يعتبر نواب الثنائي الشيعي أنه وراء كل مشاريع ورش الإنماء وتأمين الخدمات في الجنوب المصنفة من ضمن المناطق “الفقيرة والمحرومة” في لبنان يصر نواب كتلة التنمية والتحرير أنه سيكون مرشحهم الوحيد للمرة السابعة حتى لو بعد 50 عاما وأكثر!”. وعلى رغم انتقاداتهم، لا يتردد خصوم بري في التأكيد على احترامهم له ولقدرته على ادارة التناقضات. لكن الموقف الشخصي من دولة الرئيس شيء ومصلحة البلاد والعباد شيء آخر وتحديدا بعد ثورة 17 تشرين الأول 2019.
رئيس جهاز العلاقات الخارجية في حزب القوات اللبنانية الوزير السابق ريشار قيومجيان يؤكد على ضرورة انتخاب رئيس جديد للمجلس النيابي “لضرورة بث نفس جديد في العمل البرلماني وتطوير وتفعيل إدارة الجلسات على قاعدة علمية ومنطقية وديمقراطية. هذا النفس التغييري يضاف إليه خيارنا السياسي بحيث يكون رئيس المجلس النيابي من نفس الخط السيادي يساهم في ترسيخ مفهوم السلطة التشريعية بحيث لا تعود هناك مشاريع قوانين نائمة في الأدراج على رغم أهميتها وجدواها، وإلا ستبقى الدولة معطلة ولن نصل إلى خواتيم ترضي الناس ولا يمكن الإستمرار على هذا النهج”.
“في انتظار نتائج الإنتخابات نبني على الشيء مقتضاه” يقول قيومجيان تعليقا على إمكانية إعادة انتخاب الثنائي الشيعي والكتل الحليفة نبيه بري رئيسا للمجلس في حال شكلت الأغلبية داخل المجلس. لكن الثابت “ان كتلة القوات لم ولن تنتخب بري وفي حال انتخاب رئيس جديد للبرلمان نأمل أن يكون التغيير نحو الأفضل من خلال انتخاب رئيس مجلس نيابي منتج وفعال وعصري أسوة بكل دول العالم وليس العكس. ومن هنا التركيز على ضرورة الدخول بكتلة قوية تضم نوابا يؤمنون بمشروع الدولة”.
تجزم الكتل السيادية الكبرى ومرشحو الثورة والمجتمع المدني والمستقلون على عدم إعادة انتخاب نبيه بري للمرة السابعة “إذ كيف يمكننا أن نعترض من جهة على مسار إدارة هذه المنظومة الفاسدة لشؤون البلاد وإصرارنا على مكافحة الفساد ونصوت في المقابل لأحد أركان هذه المنظومة”؟ فهل يمكن تصور رأس الهرم البرلماني منذ العام 1992 من دون نبيه بري؟
المصدر: المركزية