بعد العودة السعودية.. هل تحظى القوات بدعم انتخابي؟
من الواضح ان العودة الديبلوماسية لسفراء الدول الخليجية الى لبنان هي ثمرة المساعي الفرنسية المكوكية التي انطلقت منذ أشهر من اجل استعادة الحضور السعودي في الساحة اللبنانية واعادة تفعيل نشاط الرياض الرسمي مع مؤسسات الدولة تحديدا.
ثمة من يعتبر أن عودة الرياض الى بيروت ناتجة عن رغبة سعودية بحتة بإعادة تعزيز وترسيخ حضورها السياسي في اكثر من دولة من الاقليم وذلك بالتزامن مع التقارب الاميركي – الايراني ومنعاً لتفلّت ساحات المنطقة من قبضتها في حال استمرّت القطيعة واستمرّ الاشتباك في اكثر من ساحة، لذلك ظهر التقارب السريع مع سوريا ووقف الحرب في اليمن والعودة الديبلوماسية الى لبنان.
“
في كل الاحوال، فإن السعودية اليوم في لبنان بغض النظر عن الدوافع والاسباب، وذلك بعد استيعاب رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي للتصعيد السعودي الكبير وتعامله بحكمة مع الازمة الخليجية. ولعلّ زيارات ميقاتي وعلاقاته وسلسلة اتصالاته ومُجمل مساعيه كان لها الدور الابرز في ليونة المملكة تجاه لبنان واعادة فتح بوابة العلاقات بين البلدين.
لكن، هل لهذه العودة تبعات سياسية مرتبطة بالسياسة والانتخابات؟
مما لا شك فيه بأن السياسة هي في صلب العمل السعودي لذلك لا يمكن بحث عودة الرياض الى لبنان بمعزل عن رغبة المملكة باستعادة حضورها في الساحة اللبنانية لاعادة التوازن السياسي للبنان قدر الامكان في ظل الاستطلاعات والتحليلات التي تحدثت عن فوز “حزب الله” بالاكثرية النيابية للمرة الثانية ما من شأنه أن يكرّس تفوّقه الانتخابي.
وعلى الصعيد الانتخابي لا يبدو ان السعودية تنوي التدخل بشكل واضح ومباشر في الانتخابات، حتى أن من يسعون لخلافة الرئيس سعد الحريري لا يبدو ان لديهم ضوءاً اخضر سعودياً لذلك، لكن في المقابل من الواضح ان المملكة لن تمانع اي نشاط سياسي انتخابي في الطائفة السنية الا انها لن تحمل لواء أي طرف في هذه المرحلة.
وفي الحديث عن الانتخابات النيابية يبدو أن واقع “القوات اللبنانية” سُنياً غير واضح المعالم، حيث تشير مصادر ديبلوماسية مطلعة الى انها لن تحظى بدعم سعودي. ففي بعلبك الهرمل مثلا وزحلة والبقاع الغربي وعكار تحتاج “القوات” الى تدخل مباشر من السفير السعودي من خلال بعض النشاطات في المناطق يصار فيها الى الاعلان علناً عن دعم المملكة لها في الانتخابات النيابية بهدف تحسين واقعها الشعبي في الطائفة السنية ومن دون ذلك سيبقى تقبّل “القوات” صعباً جدا في الفترة المقبلة.
يبدو أنّ تمنّيات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في بياناته بضرورة اعادة العلاقات بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي إلى طبيعتها وتعزيز العلاقة مع المملكة العربية السعودية قد لاقت صداها بعد أن قوبلت بترحيب خليجي، ولعلّ عودة السفير السعودي الى لبنان واتصاله بميقاتي وما حمله هذا الاتصال من تأكيد على عمق علاقات لبنان العربية مؤشر ايجابي لانفراج الازمة اللبنانية – الخليجية وطوي صفحتها بشكل نهائي.