تيمور جنبلاط في وجهٍ آخر؟
كتب نادر حجاز في موقع mtv:
لم تخفِ الست نظيرة جنبلاط غضبها من نجلها الرافض لخوض غمار السياسة، فالشاب كمال الذي كانت تستهويه كتابة الشعر ويخطفه البعد الروحاني والفلسفي، كاد يكون في مكان آخر لو لم تفرض عليه حقيقة التاريخ أن يتولّى زعامة لطالما تعمّدت بالدم من جيل الى جيل.
بعض الأمس شبيه باليوم، فحتى ١٩ آذار الجاري كانت صورة النائب الذي دخل الندوة البرلمانية منذ ٤ سنوات نمطية غير متحمسة ليوميات البلد السياسية، لا بل يعبّر غالباً باشمئزاز من الدرك الذي وصلت اليه أوضاع اللبنانيين من فقر وعوز وأوضاع المؤسسات من انهيار وواقع البلد الاقتصادي والمعيشي من تراجع مخيف.
تصريحات تيمور جنبلاط منذ العام ٢٠١٨ معدودة، يواظب على استقبالات كليمنصو يوم الثلاثاء والمختارة يوم السبت، يتلقى المراجعات بين نواب كتلة اللقاء الديمقراطي ويحرص على تلبية طلبات الناس، لكنه بقي بعيداً عن الأضواء والاعلام، ومتى اضطر للتصريح بعد زيارة رسمية يختار كلمات معدودة يكتفي بها لاعلان الموقف.
حذر تيمور هذا لم يكن ظاهراً أمام الحشود يوم السبت في قصر المختارة، في احياء ذكرى استشهاد كمال جنبلاط، لا بل قد تكون اطلالته هذه هي الأجرأ منذ دخوله غمار السياسة.
كان وحده في الصورة يخاطب قاعدته الشعبية، بعدما كان يتقاسم المشهد مع والده في معظم المناسبات. صحيح أنه لم يتخلَّ عن الكلمة المعدّة سلفاً، لكنه بدا واثقاً والأهم مقتنعاً بما يقول. على الأقل هكذا بدا.
كلامه هذه المرة عالي النبرة، أعلن مواجهة مع مَن أسماهم “المبشّرين بجهنم”، ليخرج عن النص المكتوب ويخاطب المتجمهرين بالعامية ويهاجم العهد بالمباشر قائلا: “بقي العهد أو طار، بقي النظام السياسي او طار، ربحنا مقعد او خسرنا مقعد، هالدار رح تضلّ مفتوحة وتضلّ داركن”.
ربما تكون، عشية الانتخابات، مناسبة سانحة للسياسي الشاب أن يعبّر أكثر عن شخصيته وطريقة أدائه وتوجهاته وأسلوب خطابه. وكان لافتاً أن يغيب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عن المناسبة بحجة السفر، والتي أرادها على الأرجح مساحة رحبة لنجله ليكون على تماس مباشر مع المناصرين وأن يقف على درج تلك الدار التاريخية ويفتح نافذة على مستقبله في السياسة.
كلام جنبلاط عكس هذه المرة قراراً أكثر من أي وقت مضى بتولّي زمام المهمة، وان كانت فُرضت عليه، وقد حملت كلمته وعداً لناسه وهذا يعني أنه اختار أن يذهب بعيداً في التحدي الشخصي قبل الحزبي والسياسي والوطني.
انها الطلّة الأكثر وثوقاً لتيمور جنبلاط، الذي أظهر نضجاً سياسياً ووجهاً آخر مغايراً عن الصورة الكلاسيكية له. فهل ستكون انتخابات ٢٠٢٢ محطة فاصلة في مسيرته السياسية؟ وبعدما فقد اللبنانيون الثقة بدولتهم ومعظم السياسيين، أي بصمة سيتركها بعدما وصلت البلاد الى الحضيض وبات انتشالها يحتاج الى بطولة وكثير من الاخلاص من أهله وشبابه؟