دخول عدد من شخصيّات المجتمع المدني سيُشكّل نقطة البداية للتغيير الإيجابي
نور نعمة – الديار
يحق لكل حزب لبناني ان يترشح للانتخابات النيابية ليواصل عمله ونشاطه السياسي الناجح في الحياة السياسية،اما هؤلاء الذين فشلوا وسرقوا وهدروا اموال الدولة، الا يخجلون ان يعلنوا خوضهم المعترك الانتخابي؟ بعض الاحزابالتي ثبتت تجربتها الفاشلة في الحكم وغيرها التي فاحت منها سرقة المال العام الا تخجل من الترشح مجددا؟
كثيرون من احزاب هذه السلطة الحاكمة لم تحقق وعدا واحدا من الوعود التي اطلقتها، لا بل غرقت الصفقات واظهرتعجزا كبيرا في ادارتها لمرافق الدولة. والحال اننا لا نرى اي تطور سياسي في اللعبة الديموقراطية اللبنانية، حيث انالاسماء والاحزاب هي نفسها تعاود الترشح عند كل الطوائف.
بيروت تغرق في العتمة وتغوص في حزن عميق منذ الانهيار المالي الى انفجار مرفأ بيروت، فتحوّلت الى مدينة اشباح لانبض فيها، رغم انها كانت منارة الشرق. الا يتحمل جزء كبير من هذه السلطة المسؤولية؟ ام ان تبادل الاتهامات وتبرئةالذات موجودة بشكل متزايد عند هذه الاحزاب التي تحكم لبنان؟ في كل مناطق لبنان هناك عتمة ولكن تختلف تدريجياحيث ان عكار اصبحت منطقة لا تاتي الكهرباء فيها وهي متروكة من دولة فشلت في تأمين ابسط المستلزمات لمواطنيها.
واذا تكلمنا عن وجع المواطن، لا نرى غيره دفع ولا يزال يدفع كلفة الانهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي بينماالسياسيين والاحزاب المسؤولة عن الانهيار تحاضر بالعفة وتعود مجددا لشعارات كاذبة وتغرق المواطنين بوعود كاذبةتعلم سلفا انها غير قادرة على تحقيقها.
والحال ان استحقاق الانتخابات النيابية هو عمل تغييري يأتي بتطور سياسي في اي بلد الا في لبنان، حيث ان كلالانتخابات السابقة فرزت التوجهات نفسها عند كل طائفة وكل مذهب. هذا الامر ليس دليل عافية ويتعارض مع مبدأالديمقراطية لان هذه الاحزاب هيمنت على الحياة السياسية وسحقت كل شخصية جديدة ارادت الظهور او دخول المعتركالسياسي سواء من باب البرلمان او من خلال انتخابات البلدية.
انطلاقا مما ذكرناه، نرى ان هذه الانتخابات النيابية مصيرية للبنانيين، خاصة ان الجروح التي احدثتها الازمةالاقتصادية لا تزال تنزف والهجرة التي جعلت معظم شباب لبنان يفرون الى بلدان اخرى بعدما اصبح لبنان جحيما بكلما للكلمة من معنى تزداد بوتيرة عالية. وعليه، لا يمكن ان ينتخب اللبناني لوائح السلطة الفاشلة التي اوصلت اللبنانيالى هذه الاوضاع المأساوية والتي اذلّته بشكل غير عادي اذ ان الفساد موجود في كل بلدان العالم ولكن نسبة الفسادوصلت في لبنان الى 90% من سرقة الميزانية العامة وهدر اموال تلقتها لمشاريع لم تنجز يوما.
اليوم، الناخب اللبناني لا يجب ان يسمح لليأس ان يدخل قلبه ولذا عليه ان يصوت للتغييريين الذين سيكونون افضلبكثير من هؤلاء المتربعين على كراسي السلطة المترهلة. نعم، تحاول السلطة بث اجواء في صفوف الناخبين انالانتخابات النيابية لن تحدث تغييرا لاحباط الناس ولكن هذا الامر غير واقعي لان الناس عندما ترى اي شخصية منالمنظومة الفاسدة تطرده سواء من مطعم او من محل تجاري او في اي مكان عام فكيف اذا اتت الانتخابات فهل تعتقد هذهالسلطة ان الناس ستعيد انتخاب الفاسدين؟ طبعا لا.
المزاج الشعبي تبدل منذ انتفاضة 17 تشرين والناس وان استفاقت متأخرة ولكنها علمت ما هي صلاحياتها وحقوقهاوواجباتها كما ادركت ايضا ما يجب على الدولة ان تقدمه لها في شتى الميادين.
قبل انتفاضة 17 تشرين وقبل انفجار مرفأ بيروت ليس كما بعده، وسنشهد التغيير في صناديق الاقتراع حيث سيصوتالناس لشخصيات جديدة غير مرتبطة باحزاب قوضت مسار الدولة وايضا ستصوت لشخصيات نظيفة الكف.
وكيف يمكن ان تكون الامور نفسها قبل 17 تشرين و4 آب 2020، والناس هاجرت بنسبة كبيرة وتريد اليوم تحقيقالعدالة من خلال صناديق الاقتراع. بيد ان هذه السلطة هي التي طردت المواطنين اللبنانيين الذين عرفوا الاغتراب حديثا لو بشكل غير مباشر ولذلك المغتربين اللبنانيين سيحدثون فرقا مفصليا في مسار الانتخابات النيابية المرتقبة في 15 ايار2022.
في الوقت ذاته، لا يعني ما نقوله اننا لا نتحلى بالواقعية ونعلم ان جزءا من الاحزاب ستبقى موجودة وانما لن تستطيعتأمين التمثيل ذاته التي حققته في الانتخابات الماضية. وهنا سيكون هناك تغيير نسبي وتدريجي في البرلمان اللبنانيكما ان كلما توافقت وتكاملت تيارات المجتمع المدني كلما زادت من فرصها بالنجاح.
وهذا النجاح في دخول عدد جيد من شخصيات المجتمع المدني، وشخصيات سياسية نظيفة الكف ستشكل نقطة البدايةلتأسيس مرحلة ايجابية من تاريخ لبنان وليس لبنان البؤس والفقر والعوز الذي نعيش فيه.