هل يستقيل وزير الخارجية؟
يوماً بعد يوم، يكتشف اللبنانيون إنجازاتٍ جديدة، لمنظومتهم الحاكمة، لدولةٍ محكومة من دويلة، تتبجّح بإخفاقاتها فالدولةُ التي قرّرت التوجه شرقاً، نزولاً عند “نقّ وبقّ” الدويلة، من رأسها إلى “كعبها” المقاوم والممانع، استيقظت لتجد وزير خارجيتها الأميركي الهوى، بحسب مضبطة الإتهام “فاتح على حسابو” مغرّداً خارج سربها، مصطفّاً إلى جانب أوكرانيا، شعباً وقيادةً، ضد القيصر.
إلى هنا ليس في الأمر الكثير من الإستغراب، ففي دولة “الكلّ من إيدو إلو”، لن يكون ذلك بالغريب، ولكن من عجائب الدهر والزمان، خروج وزراء من الثنائي، سائلين عن مبدأ النأي بالنفس، الذي استفاقوا عليه فجأةً، ونبشوا الغبار عن إسقاطه يوم تعلّق الأمر بالاشقاء، متناسين إنه بفضل صبرهم الإستراتيجي طار المبدأ وما معه صراخُ الشباب وصل إلى أذهان بعبدا، فتحرّكت مولداتها على عجل، الصهر أخد التلفون واتصل بالسفير الروسي “غاسلاً يديه” من كلام الوزير عبدالله بو حبيب، ومستشار الرئيس للشؤون الروسية النائب السابق أمل أبو زيد، “طوّل الخطّ أكتر، فوصلت مواصيله إلى بوغدانوف”، ليحملها وحده بوحبيب، عضو “خلية السبت”، فيُضاف اسمه إلى لائحة شرف العمالة للأميركيين، رغم أن باب التوبة ما زال مفتوحاً أمامه لدخول المطهر. فهل يفعلها ويستقيل نزولاً عند رغبة الرفيق بوتين، كما فعلها من قبله “القرداحي، كرمى لعيون بن سلمان”؟
في المبدأ، كل شي معقول و”كما تراني يا بن سلمان نراك يا بوتين”، فما في شيءٍ غريب أو مستحيل فوق ال ١٠٤٥٢ كيلومتراً مربّعاً، خصوصاً أن” مايسترو الخارجية” ما ترك صاحباً له في صفوف الممانعة والمقاومة، منذ قرّر أن يأخذ على عاتقه، تسوية ملف العلاقات اللبنانية – الخليجية، ل”تزكّي وتوطّي معه في ملف ترسيم الحدود، حيث بقّ كل ما لديه دفعة واحدة، مؤلّباً الشباب ضده”.
والوزير بو حبيب، لم تكفه مناصرة الإمارات ضد الحوثيين، إذ كبرت الخسّة برأسه بحسب جماعة حارة حريك، فقرّر اللعب مع بوتين، حاسماً الخيار الرسمي دون الرجوع أو مشاورة أحد وكأن الخارجية “ملك أبيه” صحيحٌ أن الوزير لم يخطئ من حيث المبدأ، فلبنان ملتزمٌ رسمياً، أقلّه حتى الساعة، بميثاق الأمم المتحدة، وبالتالي جاء بيان سرسق متطابقاً مع ما ورد في الكتاب الأممي، وهو موقف مبدئي لا لُبس فيه ولكن يبقى الأهمّ، أن لبنان تأثّر بشكلٍ كبير بتداعيات تلك الحرب، مع ارتفاع سعر برميل النفط والحرمان من القمح الأوكراني، لن يجديه نفعاً وقوفه إلى جانب موسكو، العاجز عن تأمين حاجاته المستجدّة هو الغارق بالأزمة “لرأسه”.
ولكن هل صحيح أن الوزير قد تجرّأ على الخروج بهكذا موقفٍ دون الحصول على تغطية من سمّاه لشغل هذا المنصب، والذي باعه عند “أول صيحة للديك”، أمّ إنه “عن جدّ، قرّر أن يلعب “صولد وصولو” لصالح مشروع رئاسي لعام 2022، كما يتهمّه البعض؟ أمّ هو تقاسم أدوار قرّر أن يأخذ بصدره كرة “الدغدغة العونية” للمشاعر الاوروبية بعد الأميركية؟
في الوقائع، كلّه يجوز وكلّه ممكن، وإن كان الأهمّ هو أن الغرب رأى في الموقف اللبناني، ما يُمكن البناء عليه لربح صوت بيروت، في التصويت على قرارٍ ضد روسيا في الهيئة العامة للأمم المتحدة، بعدما سقطت المحاولة أمام مجلس الأمن بالفيتو الروسي القاضي.
مصادر مقرّبة من الوزير تلتزم الصمت، فهي لا تنفي ولا تؤكّد تواصلها مع بعبدا والسراي، حيث كان بحثٌ في التفاصيل، وفقاً لما تراه الرئاستان الأولى والثالثة، على ما تؤكد أوساطٌ متابعة للملف، والتي تصرّ على مناقبية معاليه وانضباطه فهل الحملة سبّبها فعلاً الوزير الذي رفعت “أوكرانيته الزايدة من إنسولين بيانه”، أمّ هو حرد من أبو مصطفى، المعصّب من استبعاده والعودة إلى الإطار الثنائي بدل الترويكا التي أحيتها الورقة الكويتية؟
وهل يُعقل أن يكون الوزير قد استسلم بهذه السرعة لصديقة زميله “الغرقان بموضوع الكهربا لرأسه، كأنه رح يشيل الزير من البير؟”.
أمرٌ غريب عجيب. فأيُ سياسة خارجية يتّبعها لبنان، وأين مصلحته؟ الجواب مش مهمّ وما في فرق. ف”يلّلي بغيّر عادته بتقلّ سعادته، وطبيعي أن تحبل في كييف وتخلّف في بيروت، فما حدن أحسن من حدن”…. فوحده الوزير يملك الإجابات، التي باتت من أسرار الأمن القومي، وقد نحتاج لسنوات للكشف عنها، رغم أنه من “المسلّم عالعمياني، وبصم، أن تمنيات الممانعة أوامر ورغباتها تعليمات، ما في لعب فيها.”
ليبانون نيو