عمل أكثر من عادي في ظروف ضاغِطَة فمن يضع خطة طوارىء؟!
عمل أكثر من عادي في ظروف ضاغِطَة فمن يضع خطة طوارىء؟!
كتب انطون الفتى في أخبار اليوم:
ها نحن نعيش في بلد، قد لا تعتبر السلطة الحاكمة فيه أنها تحكم شعباً، أي “بني آدمين” بتعبيرنا العاميّ، وهو ما يجعلها تدور في خططها، وفي مساعي التعافي العام، وكأنها ليست على أرض الواقع، أي بتجاهُل تامّ للحاجات اليومية المتزايِدَة، على الصُّعُد كافّة.
قد يكون مُلزِماً، في حالات “العَيْن بصيرة واليد قصيرة”، أن تفعّل السلطة تواصلها مع الشّعب، وأن تضعه “في جوّ” الانهيارات المتوقّعة، على مستوى إبلاغه بها قبل حصولها، في حدّ أدنى، على الأقلّ، في شكل يسمح لنا بالاستعداد، وبالتكيُّف التدريجي، لا “الانهياري”.
تخفيف النتائج
فاللبنانيون ناموا يوماً، واستفاقوا في التالي على أزمة ودائع، ومال، و”أسواق سوداء”.
وناموا يوماً، واستفاقوا في التالي على أزمة غلاء أسعار، وأدوية، ومستلزمات طبية، ومحروقات، و”طوابير” بنزين. وها هم اليوم يستفيقون على أزمات اتّصالات، وإنترنت، تزيد حالات الإرباك اليومي، نظراً الى أنها تنزل كالصاعقة، ومن دون التحضُّر أو التحضير لأي شيء، بما يساعد على التخفيف من نتائج هذا الانهيار، على يومياتنا.
خطة
أشار الخبير الاقتصادي رازي الحاج الى أن “جزءاً من الانهيار الحاصل مرتبط بالأزمة الأساسية، أي النّقدية والشحّ بالعملات الصعبة في البلد، وما يرافقها من انهيار للإدارة العامة أيضاً. ولكن هذا لا يمنع وضع خطة طوارىء”.
وأوضح في حديث لوكالة “أخبار اليوم” أن “خطة الطوارىء تلك، تكون على المدى القصير، وهي تضع المكوّنات اللازمة والواضحة لشبكة أمان، على مستوى استمرار تأمين الطاقة، والغذاء، والإنترنت، والاتصالات، والنّقل، والتعليم، والصحة، والاستشفاء، مع الحاجات الضرورية لتأمينها، سواء من خلال قروض أو هبات”.
كلفة التأخير
وشدّد الحاج على أن “خطة الطوارىء تلك تتطلّب حكومة ناشطة، تقدّم حضوراً على مستوى المؤسّسات الدولية، والعمل الفعلي مع المجتمع الدولي، بينما حكومتنا غائبة عن ذلك، أي انها تعمل على شراء المزيد من الوقت. وبالتالي، نجد أن عملها أقلّ من عادي، في ظرف أكثر من استثنائي”.
وأضاف: “الدعوة لخطة طوارىء مُماثِلَة، تمنع انهيار الدولة من جهة، وتؤمّن استمرارية المؤسّسات العامة، وحياة الناس، ولو بحدّ أدنى، من جهة أخرى. ولا أعتقد أن كلفة تأمين ذلك كبيرة، مقارنةً مع ما أُنفِق حتى الساعة. فالتأخير عن وضع هذه الخطة، منذ بَدْء الأزمة، تسبّب بانهيار إضافي، كلّف الدولة أكثر من 20 مليار دولار تقريباً”.
صرخة
ولفت الحاج الى أن “التأخير في العمل على الملفات الحياتية، ينسحب أيضاً على مقاربة الملفات الإقليمية. وبالتالي، كيف يُمكن طلب مساعدة دول الخليج العربي، وإعادة إطلاق الاقتصاد، في ظلّ خطف وأسر “حزب الله” للبنان، وتنظيمه مؤتمرات دعم المعارضة البحرينية مثلاً؟”.
ودعا “الشعب اللبناني الى إطلاق صرخة مدوّية من خلال الانتخابات النيابية، في أيار القادم، تبيّن للعالم أي لبنان يريد. فإذا أظهر اللبنانيون للعالم أن الشعب اللبناني يرفض الاندماج بمحور “المُمانَعَة”، عندها ستسهل مسارات المساعدة الدولية، لإنهاض البلد”.
وختم:”في الانتظار، لا بدّ من خطة طوارىء توقف النزيف، تمهيداً لبَدْء العلاج”