الرئيس في الربيع؟!
كتبت نجوى ابي حيدر في وكالة “المركزية”:
مبكر الحديث او حتى التكهن في المصير الذي ستؤول اليه العلاقة بين حليفي تفاهم مار مخايل، على رغم التهويل الباسيلي بالويل والثبور وكسر جرة الشراكة. فالمصلحة الحصرية المشتركة التي تجمع الطرفين تبقى حتى الساعة اقوى من ان تفضها “خيانة” او اهانة ، قد تكون واقعة الامس اقساها، بيد انها غير كافية او كفيلة باعادة عقارب الساعة الى ما قبل الـعام 2006. ذلك ان حاجة التيار الوطني الحر الى حزب الله لتعويم نفسه انتخابيا مقابل الغطاء المسيحي الذي يوفره التيار العوني للحزب وسلاحه غير الشرعي، أصلب من ان تهز عرشه جلسة حكومية تكفّل الثنائي الشيعي بتأمين نصابها من عقر دار التيار.
الا ان من يراقب مسار هذه العلاقة ومراحلها والشوائب التي تعتريها منذ بدء الانهيار في منتصف عهد الرئيس ميشال عون ثم مع انتهائه والتمرّد الباسيلي على قرار امين عام الحزب حسن نصرالله بترشيح زعيم تيار المردة سليمان فرنجية، خصم باسيل اللدود، ورفض تبني ترشيحه، وصولا الى مواقف نواب التيار غير المألوفة تجاه الحليف الشيعي، يدرك ان انتكاسة اخرى في جسد العلاقة المُنهك من شأنها ان تنقلها الى حالة الموت السريري تمهيدا لاعلان وفاتها. والظاهر بحسب التوقعات ان الساعة تلك لم تعد بعيدة واعلان الوفاة رهن نضوج الطبخة الرئاسية اقليميا ودولياً.
بعيدا من الزمان والمكان والحدث في حدّ ذاته، تتوقع مراجع سياسية عليمة عبر “المركزية” ان يشكل الملف الرئاسي الشعرة الممكن ان تقصم ظهر البعير بين حليفي مار مخايل. ذلك ان المناخ الدولي العام والمعطيات المتجمعة تشي بأن استقرار لبنان حاجة واولوية وصيانته، ضرورة لا بد منها لمنع اي تدهور امني قد يستتبع بكوارث تحل على دول الجوار والمنطقة. وتبعا لذلك، تعتبر ان انتخاب رئيس للجمهورية مسألة اشهر لا تتجاوز عدد اصابع اليد، ومرجح بقوة في الربيع المقبل، بعدما تنتهي كل السيناريوهات المرسومة للمرحلة وتسقط الترشيحات فاقدة الحظوظ في بلوغ بعبدا. آنذاك لا بد ان تسلّم القوى السياسية بمعظمها بهوية الرئيس المطلوب للمرحلة والقادر على قيادتها بصلابة وحزم لا تتمتع بهما، الا قلة قليلة جدا ممن يتم التداول باسمائهم، وهم بعيدون جدا عن المسرح السياسي راهنا.
حينما ينضج المعطى الرئاسي، ستسير الكتل النيابية على هدي الاتفاق الدولي، والمرجح انه بات يميل الى ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون كونه الشخصية الاكثر قابلية للتوافق داخليا والمُرضى عنه دوليا نسبة لتجربته الرائدة في قيادة المؤسسة العسكرية ومنع تهاويها في احلك الظروف، اضافة الى شبكة علاقاته العنكبوتية المتشعبة خارجياً. وحده التيار الوطني الحر يقف في المقلب المناهض للقائد. هو فتح النيران عليه استباقيا لتشويه صورته رئاسياً، بيد ان ذلك لا يكفي بحسب المراجع المشار اليها لمنع انتخابه. ذلك ان التسوية الرئاسية التي اوصلت الرئيس ميشال عون الى بعبدا لم تحظَ برضى الكتل النيابية كافة، وقد صوت لصالح عون آنذاك 83 نائبا من اصل 128 مقابل 36 ورقة بيضاء وثمانية أصوات ملغاة.
الرقم هذا مؤمن، توضح المراجع، حينما يقرر الحزب وتقتضي مصلحته في لبنان والاقليم، ولو ان تشبثه بمرشحه ليس سهلا التراجع عنه، استنادا الى تاريخ الحزب المعروف ازاء الملف الرئاسي، غير ان تمنّعه حتى اللحظة عن اعلان مرشحه ليس مرتبطا فقط بمراعاة النائب باسيل انما ليقينه بأن التسوية الرئاسية قد تقود شخصا آخر الى بعبدا، فيتجنب بذلك حرق اوراقه.
التسوية ان تمت، تختم المراجع، وربما في صيغة تشبه تلك التي قادت الى انتخاب الرئيس ميشال سليمان في اعقاب مؤتمر الدوحة، لا بد ستتسبب بالطلاق بين الحزب والتيار، بعدما ارتفع جبل المشاكل بينهما الى حده الاقصى، لينتقل حينها الى ضفة المعارضة، وهي مطلوبة على الارجح ، لاعادة تعويم نفسه شعبياً، والتعويض بعضلاته، عن مسلسل الخسائر التي مني وتسبب بها العهد، والصوت الشيعي الذي امّن له المقاعد النيابية والكتلة الوازنة على مدى ستة عشر عاماً.