عن علاقة القوات وبري ودوره في انجاز الانتخابات
كتبت لارا يزبك في “المركزية”:
لطالما اتُهمت القوات اللبنانية بالتفاهم من تحت الطاولة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وقد اعتُبرت مِن قبل معارضيها والمزايدين عليها اكان في الشارع المسيحي او في الخط المعارِض للسلطة، شريكةً لبري وعلى تحالف ضمني “من تحت لتحت” مع سيد عين التينة.
غير ان الوقائع السياسية تكذّب هذه القراءات كلّها وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”. ذلك انه وعند كل الاستحقاقات والمعارك السياسية الكبرى، أكانت انتخابية او “دستورية”، يقف الجانبان على ضفتين متواجهتين. هذا ما حصل في الانتخابات النيابية الاخيرة، واثرها في استحقاق انتخاب رئيس لمجلس النواب. هذا ما حصل ايضا بعد الحديث عن توجه لدى رئيس المجلس للدعوة الى طاولة حوار للبحث في الملف الرئاسي. فقد رفضت معراب الحوار بالشكل الذي طرحه بري وطالبت بأن يحصل بين الجلسات الانتخابية على ان تكون هذه الجلسات مفتوحة، فكان ان تخلّى عنه “الاستيذ”.
امس، وعلى خلفية الملف الرئاسي ايضا، كان موقف عالي السقف من القوات في وجه بري. فبعد ان حمّله عضو تكتل الجمهورية القوية النائب انطوان حبشي في مستهل جلسة الـ “لا انتخاب” الخميس، مسؤوليةُ في الاخفاقات الانتخابية لان جزءا من حلفائه شريكٌ فيها، رفع رئيس الحزب سمير جعجع السقف أعلى. فقد توجّه برسالة إلى الرئيس بري، قال فيها “لطالما كنا على خلاف سياسي وهذا أمر طبيعي في النظام الديمقراطي، إلا أننا لم نفقد في أي يوم من الأيام المودّة بيننا، وانطلاقاً من هذه المودّة أريد التوجه للرئيس بري اليوم لأقول له إن المؤسسة الدستوريّة الوحيدة التي لا تزال فاعلة في الوقت الراهن هي مجلس النواب وهو رئيس هذه المؤسسة والمؤتمن على حسن سير عملها. صحيح أن هذا الأمر مرتبط أيضاً بالكتل النيابيّة إلا أنه منوط بشكل أساسي بضابط إيقاع المجلس الذي هو الرئيس بري”. وتابع خلال العشاء السنوي لمصلحة أصحاب العمل في حزب القوّات “دولة الرئيس، إن مجموع الكتل التي تقوم بتعطيل الإنتخابات الرئاسيّة معروفة، وهنا أشدد على مسألة التعطيل لأن القضيّة لم تعد انسحاباً من جلسة وإنما تحوّلت إلى تعطيل، وبالتالي تقع على كاهلك مسؤوليّة كبيرة باعتبار أنك مؤتمن على حسن سير مجلس النواب، ماذا وإلا، سيتم تعطيل هذه المؤسسة الدستوريّة بحكم تعطل انتخابات الرئاسة في الوقت الذي البلاد بأمس الحاجة لإتمام هذا الإستحقاق الدستوري”. وأضاف “دولة الرئيس بري، تقع من صلب مسؤولياتك في الوقت الراهن أن تقوم في إطار التحضير لجلسة الخميس المقبل دعوة رؤساء الكتل النيابيّة التي تقوم بتعطيل الانتخابات الرئاسيّة وأن تبلغهم بأنه لا يمكنهم الاستمرار في التعطيل وإذا ما استمروا في ذلك في جلسة الخميس المقبل فعندها ستتخذ التدابير والمواقف اللازمة في أن تخرج لتعلن أن هناك كتلا معيّنة تقوم بتعطيل انتخابات رئاسة الجمهوريّة، ماذا وإلا، كيف يمكننا أن نفهم الاستمرار في تعطّل هذه الانتخابات بعد شهرين من المهلة الدستوريّة وشهر من الفراغ”؟
القوات اذا لا تساير او تهادن او تقيم علاقات من “تحت الطاولة” لا مع بري ولا مع سواه، تتابع المصادر. هي تتعاطى بكل موضوعية و”دستورية” مع بري، الا انها تسمي الامور بأسمائها وتصوّب على الشواذ بالمباشر، أيا كان المسؤول عنه.
وبعد، واذا كان بري ألغى الحوار الذي كان في صدده، فإنه لم يدع في المقابل الى جلسات انتخابية مفتوحة. واليوم ايضا، وفي ضوء مناشدات جعجع وتحذيره من تعطيل مجلس النواب بسبب الشغور، الا ان المصادر تستبعد ان تلقى رسالة القوات العلنية لبري، ايَّ تجاوب من قِبله في المدى المنظور، مع الاسف!