محليات

الكرة بين أميركا وإيران… والمرمى في لبنان

كتب علي حيدر في موقع mtv:

أكثر ما يجتمع عليه الناس اليوم هو “المونديال”. هذا الحدث العالمي الذي يجمع النّاس من أيّ عرق، طبقة اجتماعية، بلد، طائفة ولون كانت. وللبنان “حصّة”. فنحن وسط كلّ الدمار الذي نعيش فيه، نفرح لأبسط مناسبة تحصل في أبعد نقطة جغرافية عنّا. لكن لا بدّ أن نُدخل السياسة في صلبِ الفرح الذي يتطلب منّا تجريدًا من لوننا السياسيّ وانسياقنا الأعمى خلف بلدان نعتبرها “الوصيّ” و”السبب” في وجودنا وتنفّسنا.

كثُرت المفاجآت في مونديال قطر ٢٠٢٢، وآخرها مواجهة منتخب الولايات المتحدة الأميركية مع منتخب إيران. ظاهريًّا، نرى أنّ هذين المنتخبين سيحدثان ضجّةً كبيرة -لا على المستوى العالمي- بل على المستوى المحلي اللبناني الضيّق. لأنّ الأخير ولو أنّه لا يعرف أسماء اللاعبين في هذين المنتخبين أو قدرتهما على اللعب، إلا أنّه سيشجّع “البلد” الذي يحمل اسمه الفريق. وقد يكون ما سنراه اليوم يشبه ماشهدناه من ضجّة يوم “٧-١” بين ألمانيا وبرازيل وربّما أكثر، خصوصًا أنّ لإيران وأميركا حصصًا في سياسة هذا البلد التي تشرّبها أجياله على مرّ السنين.

ستخرج الغالبية الشيعية بهتافاتٍ تهلّل لـ”إيران” لا لمنتخبها، كذلك سيفعل الذين لا يوافقونهم في التبعية للدولة الإسلامية، بغالبيتهم المسيحية، بالتهليل لـ”أميركا”. سيُشد العصب الطائفي بالتأكيد، بما أنّ لكلّ دولة من الدولتين اللتين ستتواجهان في الملعب الرياضي كما السياسي “جمهور” واسع. ستُرفع الأعلام، كذلك الأصوات ومعها “التلطيشات”، وستُربط الأحداث الحربية بالرياضية.

وفي هذا السياق، اعتاد الشعب اللبناني أن يأخذ صبغة أحزابه، في حياته اليومية، في سهراته وأحاديثه وحتّى “ألعابه” الرياضية. اعتاد أن يهلّل لدولة هدفها أن تقسّمه. لتُتخذ مباراة أميركا وإيران بروحٍ “رياضية”، لنتعرّف أكثر على قدرة هذين الفريقين ونشجّع بكلّ موضوعيةمن نراه الأقوى في شوطِ الكرة لا “التقسيم” أو “الصواريخ”. الحدّ من المؤامرات والأجندات، بات أمرًا ملحًا، حيث إنّه من المفترض أن نجتمع على طاولةٍ واحدة، مشجّعين إيران أو أميركا بحكمِ التقائهما في المباراة، كأيّ فريقين نتابعهما.

وفي حال فشل الأمر، بسبب الغريزة الطائفية والسياسية، فالصمت هو الحلّ الأفضل. ففي لبنان، الملعب العالمي، ما تجمعه الرياضة تفرّقه السياسة!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى