الفاتيكان مستاء واكثر…هؤلاء يتحملون مسؤولية الشغور الرئاسي
في معرض اعلانه عن نية البابا فرنسيس زيارة السودان في مطلع عام 2023، استبعد الأمين العام لجمعية الصداقة الإيطالية- العربية عبد القادر عميش، زيارة البابا إلى لبنان في وقت قريب، لأن الكرسي الرسولي غير مرتاح لنهج الطبقة الحاكمة التي تمتاز بعرقلة المسيرة الديموقراطية والإصلاح السياسي ولأن لا ثقة في المؤسسات التي يترتب عليها حماية وصيانة الدستور اللبناني”.
ليس الكلام صادرا عن قداسة البابا نفسه ولا عن اي مسؤول فاتيكاني صحيح، لكنه يعكس بكثير من الدقة مدى الامتعاض المتسيّد رؤية الفاتيكان من الواقع اللبناني وكيفية تعاطي المنظومة الحاكمة مع الازمات وانعدام الثقة بها، خصوصا بعدما سقط الرهان على امكان تغييرها ديموقراطيا في الانتخابات النيابية التي جرت في ايار الماضي ولم تحمل ما يمكن ان يقلب الواقع المأسوي، لا بل زادته تعقيدا ومأسوية.
تقول مصادر سياسية مطلعة على اجواء الاتصالات التي تدور بين العواصم المعنية بالشأن اللبناني من باب الحرص عليه كنموذج رائد للتنوع في المنطقة وعدم زواله، ان الفاتيكان وان كان ممتعضا من اداء ساسة لبنان الا انه ليس بعيدا من مسار البحث عن حلول تكفل انتشاله من حيث يغرقه المسؤولون كل يوم، وان الدوائر المختصة في الكرسي الرسولي لا تنفك تتواصل مع الدول القادرة على لعب دور فاعل في مجال انقاذ لبنان، للاطلاع على نتيجة الجهود المبذولة في الاطار والتي لم تتوصل حتى الساعة الى نتائج عملية. ولا يتوانى المسؤولون الفاتيكانيون عن تقديم النصح حيث يجب والثناء حيث تتقدم الجهود والاعراب عن الاستياء من اداء البعض في مجال التقاعس عن الاضطلاع بأدوار يمكن ان يقوموا بها فلا يفعلون.
المصادر تشير لـ”المركزية” في السياق الى ان خلافا للظاهر في العلن، فدوائر الكرسي الرسولي مستنفرة لانقاذ لبنان، وعلى تواصل غير منقطع مع واشنطن وباريس لحملهما على ايجاد المخارج الكفيلة بنقله الى ضفة الامان.
ولا يخفي الفاتيكان امام من يلتقيهم من الزوار المعنيين بوضع لبنان مآخذه على بعض القادة والمسؤولين، خصوصا المسيحيين منهم، لجهة تعاطيهم مع الاستحقاقات المصيرية وتحديدا رئاسة الجمهورية من منطلق الانانية والمصالح الخاصة. فهؤلاء بالذات يتحملون مسؤولية الشغور في المقام الاول في البلاد، الذي يشغله رئيس مسيحي هو الوحيد في دول المنطقة. لذلك يدعو المسؤولون في الفاتيكان القوى السياسية والقيادات والمرجعيات للتحرك الفوري ووضع حد للشغور، وقد دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري المسيحيين الى الاتفاق في ما بينهم على اسم ونحن نؤيده. فماذا ينتظر هؤلاء بعد؟ ولماذا لا يجتمعون حول شخصية مسيحية لائقة بالمقام لا تلهث خلف المناصب فقط؟ فإن تخلى هؤلاء عن نزعاتهم الانانية وسعيهم الدائم الى السيطرة على القرار، سيتمكنون حتما من ايجاد من يليق به مقام رئاسة جمهورية لبنان ومن يضعه على سكة الانقاذ.
وتثني دوائر الفاتيكان وفق المصادر على التواصل القائم بين البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وبين الرئيس بري من خلال موفدين يجتمعون بعيدا من الاضواء لما فيه خير ومصلحة لبنان.
وليس بعيدا، تنقل المصادر عن مسؤول فرنسي قوله” ان الرئيس ايمانويل ماكرون وبعد اجتماعه مع البابا فرنسيس منذ مدة كما مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قد يتحرك خلال الايام المقبلة لاخراج الاستحقاق من دائرة الكباش السياسي، وان لزم الامر سيستخدم الحزم بعيدا من مسايرة هذا الفريق او ذاك وينتهج لغة جديدة في تعاطيه مع المسؤولين اللبنانيين. فهل تنتج السياسة الفرنسية بنهجها الجديد المدموغ فاتيكانيا واميركيا وسعوديا، رئيسا انقاذيا للبنان قبل نهاية العام، ام تتفوق عليها مقتضيات الساعة الايرانية، في ضوء اتساع رقعة التجاذب مع المجتمع الدولي وتنامي موجة احتجاجاتها الداخلية؟