الدعوة إلى تدويل الأزمة اللبنانية… ما لها وما عليها
في الوقت الضائع محلياً وخارجياً على مستوى إنضاج التسوية الرئاسية، ترتفع وتيرة التصعيد السياسي داخلياً مع انكشاف الأوراق الرئاسية لدى الأطراف الأساسية، تأتي دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي، لعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان، وذلك، بمعزلٍ عن المواقف وردود الفعل المؤيدة والشاجبة في آن، للمسعى البطريركي الذي يؤشر إلى نعي أي قدرة للأطراف المحلية في إنقاذ لبنان من الإنهيار، وليس فقط إنتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية.
ولا تنطلق الخشية لدى بكركي من التأزّم المستحكم بالإستحقاق الرئاسي فقط، بل من إطالة أمد الفراغ، وذلك في الوقت الذي تتناقل فيه أوساط قريبة من دوائر الفاتيكان، معلوماتٍ عن قلقٍ من تداعيات الفراغ على الواقع اللبناني، وقد تبلّغته دوائر الإيليزيه في الأيام الماضية، وهو ما استدعى عودة المحرّكات الفرنسية إلى العمل على خطّ الإستحقاق الرئاسي بالدرجة الأولى.
لكن الدعوة البطريركية لعقد مؤتمر دولي حول لبنان ليست جديدة، كما تشير مصادر وزارية مسيحية سابقة، معتبرةً أن الهدف الفعلي من هذا المؤتمر، لا يرتبط بانتخابات رئاسة الجمهورية، وهي من مسؤولية المجلس النيابي، بل تحميل المجتمع الدولي مسؤولية حماية لبنان الرسالة والتعايش المسيحي – الإسلامي، وضمان السيادة والنظام الديمقراطي، وبالتالي الحياد عن صراعات المحاور في المنطقة.
وتؤكد المصادر الوزارية المسيحية السابقة ل”ليبانون ديبايت”، أن الحوار الحقيقي الصريح والمباشر والبنّاء بين الأطراف اللبنانية على اختلاف انتماءاتها، لم يتحقّق حتى الساعة، وكذلك المصالحة الفعلية بدلالة الأزمات المتلاحقة، وتحديداً عند كل استحقاق دستوري “مسيحي” كانتخابات رئاسة الجمهورية، وبالتالي، تأجيلها وإغراق البلاد بالفراغ مع كل أخطاره وتحدّياته، تمهيداً لفرض أجنداتٍ معينة ليست على الدوام لبنانية.
وتستدرك المصادر، مشيرةً إلى أن الحرص الأساسي لدى الكرسي الرسولي على لبنان ودوره ووجوده، قد لا يصل إلى حدود الدعوة إلى مؤتمر دولي قد يجد فيه البعض، وتحديداً الذين يعطّلون الإنتخابات، سبيلاً إلى تعميق الفراغ وإطالته، ولكنه يركّز على حيادية لبنان وحماية النموذج والهوية اللبنانية، من خلال الإحتكام إلى الدستور بشأن أي استحقاق مسيحي أو إسلامي.
وبالتالي، فإن اللحظة الدولية، محكومة بأولويات عدة قد لا تكون الأولوية اللبنانية من بينها، كما تكشف المصادر نفسها، ولذلك، فإن الموقف المُعلن أخيراً من البحرين، قد ركّز على دعوة القوى السياسية اللبنانية إلى الإتفاق في ما بينهم، ووقف التدهور والإنهيار في بلادهم.
ومن هذه الزاوية، لا ترى المصادر، أن الظروف اليوم مناسبة لمثل هذا المؤتمر، وتعتبر أنها غير مكتملة، خصوصاً وأن القوى السياسية اللبنانية المنقسمة في ما بينها اليوم ستنتقل بصراعاتها إلى الخارج أو إلى الأمم المتحدة، ولكنها تصف دعوة البطريرك الراعي، بأنها قديمة متجدّدة، لا سيما وأنه سبق وأن دعا إلى مؤتمر دولي منذ نحو عام.