طرقات لبنان أشبه بالأنهار… “الحق على مين”؟

كتبت نوال برو في “السياسة”:
مع كل بداية شتاء، يطرق باب اللّبنانيين همٌّ ليس بجديد، وتصبح نعمة الشتاء نقمة بالنسبة لكثيرين. يتكرر مشهد السيول، وتغرق المدن والبلدات اللّبنانية بطوفان الإهمال، فتتحول الشوارع إلى أنهار ومستنقعات. عادة سنوية لم تجد لها الجهات المعنية الحلول اللّازمة مع توالي وزراء الأشغال رغم أنّ أسبابها باتت معروفة.
الأضرار لا تقتصر على الماديات، فالأسبوع الماضي، رجل مسن رحل ضحية هذا الإهمال بعدما جرفت سيول الأمطار سيارة ابنه الذي كان متواجدًا فيها في منطقة معامل زوق مصبح. وطبعًا هو ليس الضحية الوحيدة، فكل عام تأخذ السيول عددًا من الضحايا معها.
في هذا الإطار، رفضت وزارة الأشغال تحميلها أي مسؤولية بعد غرق بعض الشوارع في الأول من أمس، حيث رأى المدير العام لوزارة الأشغال طانيوس بولس، أنّ ليس باليد حيلة، ولم يكن بالإمكان القيام بخطوات استباقية إضافية أكثر من ما قامت به الوزارة ، مشيرًا إلى أنّ “السيول كانت ستحصل حتمًا بسبب الهطول الكثيف للأمطار”.
وأوضح بولس في حديث مع موقع “السياسة” أنّ الوزارة كانت قد نظفت الطرقات والأوتوسترادات ومجاري المياه، إلّا أنّ “الطوفة” كانت غير متوقعة وهذه الواقعة لم تكن تحدث سابقًا. وعن تفاصيل ما حصل، شرح قائلًا إنّ “في وقت قصير جدًا انكبّت مياه الأمطار دفعة واحدة بشكل لم تلحق معه المجاري تصريف المياه، فالعملية تتطلب وقتًا والدليل على ذلك أنه بعد ١٠ دقائق صُرّفت المياه كلها”.
وأضاف” الأمطار بدأت من أعلى الجرد، فانجرف السيل من الأعالي لتغرق المدن وتحولت طريق حريصا إلى نهر، والأسبوع الماضي حصل نفس الأمر في منطقة ذوق مكايل. ولفت إلى أنه لا علاقة للوزارة بالجرد و”ما حدا بيطلع بإيدو شي” في هذه الحالة.
وأكد بولس أنّ “عملنا كوزارة متواصل ومستمر ولا نستطيع القيام بأكثر من ما قمنا به”. واعتبر أنّ المسؤولية ليست فردية بل تقع على عاتق الجميع، إلّا أنها “مسؤولية غير كبيرة” ، مضيفًا “حتى في أميركا وأوروبا يحصل الطوفان، وبنسبة أعلى من لبنان، وفي معظم الأحيان لا يجد المعنيون هناك الحلول”.
وختم بولس، “المطلوب من المواطنين الامتناع عن رمي النفايات على الطرقات العامة، فالأمطار تجرف الدواليب والنفايات والرمل والبحص الموجود على الطرقات وتُسد المجاري بها. أمّا المطلوب من البلديات والشركات المتعهدة، فهو ” رفع النفايات عن الطرقات ومجاري المياه وعدم ترك المكبات ممتلئة بالقمامة”.
إذًا، الطبيعة تتحمل المسؤولية الكبرى بحسب وزارة الأشغال، والحل الوحيد يكمن في الحفاظ على النظافة العامة.
وبالحديث عن النظافة، يبدو واضحًا أنّ وزير الإشغال علي حمية يناشد مرارًا وتكرارًا عبر حسابه على تويتر، الشركات المعنية برفع النفايات كي تتحرك لكن من دون أن تلقى صرخاته أي صدى. وفي موقف لافت، يعكس خطورة إبقاء النفايات مكوّمة في الطرقات، أعلنت بلدة حاروف في النبطية عن استقبالها لكلّ أنواع التبرعات لرفع النفايات حتى لا تغرق البلدة.
وإلى حين إيجاد الحلّ، يبدو أنّ مشاهد القوارب في الطرقات قد يتكرر كثيرًا هذه العام أيضًا.