بعد لبنان والعراق.. هل جاء دور سوريا؟
مع إنجاز ملف الترسيم البحري بين لبنان واسرائيل وانتخاب رئيس جديد للجمهورية في العراق، بدأ الحديث عن تغييرات ايجابية من شأنها ان ترخي بظلالها على المنطقة ككل، وضعها البعض في خانة تخفيف ايران من قبضتها على العواصم الأربع التي تتباهى بأنها تحت سيطرتها، بيروت وبغداد وصنعاء ودمشق. وفي حين تتكثف الجهود في اليمن لتمديد الهدنة التي انتهت مفاعليها مطلع هذا الشهر بعد ان استمرت طيلة ستة أشهر ووصفت بأنها كانت “فرصة تاريخية” يبنى عليها بغية إيجاد تسوية سلمية للنزاع، يكثر الحديث مؤخرا في سوريا عن إعادة تموضع المجموعات الايرانية وعناصر حزب الله تمهيداً لانسحابها التدريجي. فهل من تغيير مرتقب في سوريا، خاصة مع وضع لبنان خطة لإعادة النازحين الى ديارهم؟
العميد الركن خالد حماده يقول لـ”المركزية”: لربما يعتقد البعض ان هناك محاولات لإسقاط ما جرى في لبنان على صعيد الترسيم وفي العراق على صعيد تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية على سوريا، وان هناك نوعا من الإيعاز لطهران بتخفيف وطأة تدخلاتها وضغطها في كل من سوريا ولبنان والعراق، لكن اعتقد ان الوضع في سوريا متشابك أكثر من ذلك، ولا يمكن إسقاط ما جرى في لبنان على سوريا”، مشيرا الى ان “سوريا أصبحت دولة مشتتة بكل ما للكلمة من معنى وباتت حقلا لصراع نفوذ بين قوى إقليمية ودولية، وينعكس عليها مجددا الصدام الأميركي -الروسي على خلفية الحرب في اوكرانيا”، معتبراً ان “ما يجري في سوريا اليوم هو عملية فوضى في خرائط النفوذ، حيث الفصائل الاسلامية المدعومة من تركيا تشتبك يوميا مع الجيش السوري، إضافة إلى حالة الاستنفار بين الوحدات الروسية والوحدات الاميركية مع قوات سوريا الديمقراطية في منطقة الحسكة. كل ذلك، يدل على فوضى في خريطة النفوذ الموجودة، وكذلك غياب سوريا عن سلم الاولويات الدولي، نتيجة الوضع المضطرب في اوروبا وتسليح اوكرانيا ومسألة الغاز الاوروبي وما الى ذلك”.
ويرى حماده ان “ربما من المبكر القول عن انسحاب اي من الاطراف الموجودة في سوريا او إعادة تموضعها بمعنى الاتجاه الى عملية سياسية او محاولة تثبيت وضع ما والانطلاق نحو دفع سوريا الى نوع من الاستقرار، واعتقد ان ما يجري يدل على ان الوضع لا زال مفتوحا على احتمالات كبيرة”.
اما في ما خص عودة النازحين التي أعلن عنها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، فيعرب حماده عن اعتقاده بأن “العودة الحقيقية لهؤلاء هي تلك التي ستتبناها الامم المتحدة، لأنها بذلك تكون جزءا من مخطط العملية السياسية المطلوبة في سوريا. ليس هناك من قدرة على إعادة النازحين الى سوريا، اولاً لأن الحدود غير مضبوطة وثانياً قد لا تُقدِم الامم المتحدة على تقديم المساعدات والإعانات الشهرية لهم في بلدهم. لذلك، في غياب اي مشروع دولي يدعم هذا التوجه، حتى ولو عاد البعض بضغط ما، فهم عرضة لأن يعودوا الى لبنان”، مؤكدا ان “في غياب اي عملية حقيقية تطمئن هؤلاء الى وضعهم الاقتصادي والامني، فهم لن يعودوا. وبالتالي إذا أعدنا نازحين الى مناطق غير مولدهم او تمركزهم الاساسي، هذا يعني أننا ننتقل من حالة اللجوء الى دول أخرى الى حالة النزوح داخل بلدهم، وإذا لم يكن هذا مدعوما بمشروع دولي فإنه لن ينجح”.
ويرى حماده ان “المقصود من الكلام اللبناني عن خطة لإعادة السوريين يدخل في إطار المزايدات السياسية ومحاولة القول أن الرئيس عون، في الأيام الأخيرة لعهده، نجح في الترسيم وسينجح في إعادة النازحين، كمحاولة لاستعادة نوع من احترام اللبنانيين للعهد وللقول بأنه أنجز شيئا ما، لكن بخلاف كل هذه المواقف العاطفية او المتحمسة نتيجة ولاءات سياسية اعتقد ان ملف الغاز جاء نتيجة حاجة اوروبية وإرادة اميركية وضعف في الموقف اللبناني وتنازل ايراني. وكذلك ملف النازحين السوريين سيأتي على خلفية اندفاعة لبنانية وسيبقى قاصرا اذا لم يتوفر له الدعم الدولي”.
يولا هاشم