محلياتمن الصحافة

موجة جديدة من ارتفاع الأسعار… فما الحجة هذه المرّة؟

كتب خالد أبو شقرا في “نداء الوطن”:

تداعيات تخفيض سعر صرف العملة الوطنية من 1500 ليرة إلى 15 ألفاً ما زالت تتوارد فصولاً. فالعذر الذي ساقته المالية في معرض التوضيح، بأن السعر الجديد المراد اعتماده سيكون بالتنسيق مع المصرف المركزي، أقبح من ذنب. أمّا محاولات التبريد بإشاعة أخبار عن أن التطبيق سيكون تدريجياً، مع محاولة إحتواء للتداعيات الاجتماعية، فلم تكن إلا كمن يصب «بنزين» المزيد من تخفيض القدرة الشرائية، على «كبريت» التضخم، وانتظار شرارة الانفجار الاجتماعي لحرق ما تبقى من أخضر الاقتصاد.

مجموعة من المخالفات القانونية، والأخطاء النقدية، وزيادة الأكلاف المعيشية سيحملها تخفيض سعر الصرف في حال تطبيقه بالصيغة التي خرج بها وزير المالية وأكد عليها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي.

قانونياً

من الناحية القانونية يرى المحامي أنطوان مرعب أنه «لا يوجد سعر صرف رسمي للعملة الوطنية، إنما سعر قانوني حددته المادة 229 من قانون النقد والتسليف. وما اختراع السعر 1515 واعتماده طوال العقدين المنصرمين كسعر رسمي، ويحق للمصرف المركزي تغييره ساعة يشاء، سوى خطأ شائع كرّسه الحاكم في العام 1997، بتغطية أو طلب من رئيس الحكومة آنذاك، عندما انصاع لثبيت سعر الصرف عند 1515 ليرة مقابل الدولار الواحد. ذلك أن تغيير سعر الصرف المحدد بقانون النقد والتسليف، والذي ينص صراحة على أن سعر الصرف القانوني للدولار الاميركي في لبنان يتحدّد وفقاً لسعر الصرف في السوق الحرة، يتطلب قانوناً يصدر عن مجلس النواب». فالمادة 229 من قانون النقد والتسليف الفقرة (1) تنص على أنه «يعتمد لليرة اللبنانية، بالنسبة للدولار الاميركي المحدد بـ 0,888681 غرام ذهب خالص، سعر قطع حقيقي اقرب ما يكون من سعر السوق الحرة يكون هو «السعر الانتقالي القانوني» لليرة اللبنانية. وعليه لا يحق لا للمالية ولا لـ»المركزي»، تعديل سعر الصرف او تغييره بأي شكل من الاشكال، والصلاحية تقع على عاتق المشرعين في البرلمان».

كذبت المنظومة طويلاً وصدقت كذبتها، و»عادت اليوم لتضع صلاحيات تغيير سعر الصرف، أو بالأحرى تثبيته على سعر أقل «في يد المسؤولين الاساسيين عن الانهيار، وهما وزارة المال وحاكم المصرف المركزي»، يقول مرعب. «الأمر الذي سيفاقم الامور سوءاً ويزيدها تعقيداً. فطالما الزمرة السياسية المالية والنقدية نفسها تمسك بالملفات الاقتصادية، فلن يتغير شيء. بل على العكس ستكون التداعيات كارثية على مختلف الاصعدة».

نقدياً

إعتبار السعر الجديد المراد استعماله «خطوة أساسية باتجاه توحيد سعر الصرف»، كان الخطأ الثاني الذي وقع فيه وزير المالية. فالسعر الجديد سينضم إلى تشكيلة الاسعار المعتمدة، وسيعقد الانتقال إلى السعر الواحد، خصوصاً أنه لا يلغي سعر 1515 القديم، الذي ستبقى الكثير من المعاملات المصرفية، سواء تلك التي تتعلق بالقروض الشخصية أو إعداد الميزانيات، تحتسب على أساسه. كما أن السعر الجديد الذي يشكل 38 في المئة من السعر المتداول في السوق الموازية، يتطلب استمرار تدخل مصرف لبنان مدافعاً عنه بمبالغ كبيرة تصل اليوم إلى 24 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد. الامر الذي سيؤدي إلى استمرار استنزاف التوظيفات الالزامية، وكافة العملات الاجنبية المتبقية في مصرف لبنان، وأهمها المتبقي من حقوق السحب الخاصة الموزعة من صندوق النقد الدولي بقيمة 1.139 مليار دولار.

حياتياً

ما يهم المواطنين من كل هذه «المعمعة» النقدية والقانونية هو تأثير سعر الصرف الجديد على حياتهم اليومية. ولا سيما في ما يتعلق بتسديد الرسوم والضرائب، والقروض المصرفية، والاضافات على أسعار السلع والخدمات والمواد الاستهلاكية. فالمادة 229 من قانون النقد والتسليف تشترط أن تحتسب الضرائب والرسوم التي تستوفى عن المبالغ المحررة بالعملات الاجنبية على أساس «السعر الانتقالي القانوني»، وألا يؤدي تطبيق معدل التحويل الجديد الى أية زيادة على الضرائب والرسوم المستوفاة عن مبالغ محررة بالعملات الاجنبية. وعلى وزير المالية أن يحدد، بقرارات، الطرق الكفيلة بتأمين هذا المبدأ. كما أن العملات الاجنبية التي تستوفيها الدولة تدخل في المحاسبة بالسعر الانتقالي القانوني. وتعدل بالنسبة الى السعر الانتقالي القانوني نفقات الدولة الخارجية المحددة بالليرات اللبنانية، وتحول من الآن فصاعداً بسعر السوق الحرة.

وعليه فان كل الضرائب والمعاملات التجارية سواء كانت مع الخارج أو في الداخل، ستحتسب على أساس سعر الصرف الجديد. وهذا ينسحب أيضاً بحسب عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي عدنان رمال على القروض التجارية المقومة بالدولار والتي تستوفى بحسب التعميم 568 بشيكات دولار «لولار»، أو على أساس سعر صرف 8000 ليرة. «حيث ستصبح تسدد على أساس 15 ألف ليرة. فيما ستبقى القروض الشخصية على أساس سعر صرف 1500 ليرة لغاية أجل لم يحدد بعد».

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى