المفاجآت بسوء الطالع… أو بالنوم على حرير

كتب جو متني:
لم يعد يحمل الآتي من الأيّام “مفاجآت”. في الأزمنة الغابرة والسنين الماضية والمراحل السابقة، شهد اللبنانيّون في عزّ الحرب والأزمات والاقتتال ترقُّباً لوقف النار، هدنة على خطوط التماس، انفراجات، مرحلة بناء واعمار.
على العكس، لم تعد أيّامنا الحاضرة تحمل الراحة والاستقرار.
وأكبر دليل أنّ الأسبوع الطالع لا يحمل اشارات ايجابيّة تبشِّر اللبنانيّين إلا بسوء الطالع، لن تُخفِّف عنهم وطأة الأحمال المؤلمة والموجعة، والأثقال التي كسرت ظهيرهم.
هم لم يعودوا متخوِّفين من أن الأسبوع الذي سيلي، سيكون على صورة الحالي أو أسوأ منه، من استحقاقات داهمة وخانقة: الغلاء الفاحش، الأقساط المدرسية بالليرة والدولار، عودة المهاجرين وخيراتهم إلى قواعدهم في بلاد الاغتراب الأمر الذي خفّض السيولة بالعملات الأجنبيّة، اضراب القطاع المصرفي، توقّف صيرفة، المنحى التصاعدي الجنوني للدولار، المنحى التراجعي الدراماتيكي لليرة، البنزين على سعر السوق السوداء، الدواء المفقود، كلفة ربطة الخبز بأكثر من عرق الجبين، ارتفاع كلفة النقل المشترك والعمومي، عدم حلّ أوضاع العاملين في القطاع العام مع ما يستتبعه من معاودة الاضرابات واقفال المرافق العامة، و….
وُعِدَ اللبنانيّون بأنّ التحسّن حاصل بعد عودة رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي من واجب العزاء في بريطانيا، ومن مشاركته في الجمعيّة العموميّة للأمم المتحدة في نيويورك، واستعداده للنوم في بعبدا ليل نهار حتى تأليف حكومته.
عالوعد يا كمّون أيضاً باقرار الموازنة مع استعداد النائب جورج عدوان للنوم في ساحة النجمة. من دون اغفال نوم وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام المولوي الدائم في وزارته منذ تسلّمه حقيبته الوزارية.
كشفت مناقشة الموازنة المبتورة الأسبوع المنصرم، المزيد من العورات في النظام وفي نوعيّة الممثّلين للأمّة. انقسموا بين مؤيِّد لاقرارها، وبين مَن أدّى الى “شطْحِها” عشرة أيّام، معتبراً أنه سَجَّل أهدافاً بالنقاط على رئيس المجلس. النبيه المعروف بردّ الصاع صاعين، لن يستكين حتى يَلُفَّ المقاطعين والمنسحبين والذين ضربوا النصاب، إلى حظيرة بيت الطاعة مجدّداً، ويدفعهم إلى رفع الأيدي على كلّ مادة يقول عنها ” صُدِّق.”
بالعودة إلى المسلسل الأميركي الطويل، كيف تعلن المصارف الاضراب ثلاثة أيام بعد يومين عطلة؟ ويوم مليء بالمغامرات البوليسية- الهولمزيّة؟ وتفتح مبدئياً الخميس والجمعة لتقفل مجدّداً السبت والأحد في نهاية الأسبوع؟ أي أنها ستعمل يومين خلال تسعة أيّام.
مبدئياً إذا لم يعلن موظّفو المصارف استمرار الاضراب الخميس والجمعة، فيصبح الاعلان عن الاضراب مداورة بين جمعية المصارف والموظّفين؟ ما يذكّرنا ببداية مرحلة 17 تشرين الأول 2019 وما تبعها من انهيارات مالية ومصرفية ونقدية واقتصادية نعيش تبعاتها اليوم.
والسؤال الذي يفرض ذاته، لماذا توقّفت غارات وزارات الاقتصاد والطاقة والصحة والأجهزة الأمنية على محطات الوقود والموتورات والسوبرماركت ومستودعات الغذاء والأدوية والأفران والمطاحن؟ لماذا لم يعد يسمع اللبناني عن ختم بالشمع الأحمر، وتهريب عبر الحدود، وضبط التزوير، وكشف سلع منتهية الصلاحية؟
هل ما كان يجري فيلم أميركي طويل، وهَوْبَرات وعراضات تلفزيونية، وبروباغاندا إعلامية مدّتها مدّة الريبورتاج الاخباري؟ بينما المطلوب العمل الجدّي والسرّي والضرب بيدٍ من حديد من أجل كشف خزعبلات المافياويّة المسيطرة وعنتريّاتها والمحميّات السياسية والأمنية والعسكرية والقضائية والدينية والحزبية التي تغطّيها وتحميها؟
ينتظر اللبنانيّون تأليف حكومة، انتخاب رئيس جمهوريّة، ترسيم الحدود البحريّة مع اسرائيل، تأليف حكومة العهد الجديد الأولى، بدء عمليّة استخراج النفط من البلوكات غير المتنازع عليها، استجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن… هذه هي خارطة الطريق التي إذا تحقّقت، ينام اللبنانيّون على حرير.