خارجيات

أجواء مشابهة للأيام التي سبقت الحرب العالمية الثانية… هل تندلع الحرب بين روسيا و”الناتو”؟

قالت “الجزيرة”:  للمرة الثانية على التوالي يتحدث قائد الجيش البريطاني الجنرال باتريك ساندرز عن ضرورة التحضير لمواجهة مباشرة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، مشبّها الأيام الحالية التي يعيشها العالم بالأيام التي سبقت الحرب العالمية الثانية.

ومتى تحدث قائد عسكري من وزن قائد للجيش البريطاني فيجب الانتباه لما يقول، خصوصا أن العديد من التقارير الإعلامية البريطانية كشفت أن تصريحاته تعكس تقييما دقيقا للواقع على الأرض وليس مجرد محاولة استنفار للقوات أو للتعبئة الداخلية.

وفي الأيام الأولى لاندلاع الحرب في أوكرانيا، عندما كانت الجزيرة نت تسأل عددا من الخبراء الإستراتيجيين البريطانيين عن إمكان نشوب مواجهة بين روسيا وحلف الناتو، كانت أغلب التقديرات تستبعد هذا السيناريو.

أما بعد مرور أشهر على هذه الحرب التي يبدو أنها طالت أكثر مما توقع كثيرون، فإن عددا من كبار الخبراء في السياسة الدولية قد تغيرت وجهات نظرهم كثيرا، وما كان مستبعدا يبدو أنه بات محتملا.

حرب ممكنة ولكن..
في هذا الاطار، يميّز البروفيسور ريتشارد كابلان أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أكسفورد بين إمكانية نشوب المواجهة بين حلف الناتو وروسيا بشكل متعمد أو عن طريق حادث غير مقصود. ويقول “في كلا الحالتين فإن الحرب المباشرة بالتأكيد باتت ممكنة رغم أنها ما زالت مستبعدة بعض الشيء”.

وفي تحليله لسلوك دول حلف الناتو وكذلك روسيا، يرى البروفيسور البريطاني أن كلا الطرفين ما زال حريصا على “تفادي المواجهة المباشرة”، منبّها في الوقت ذاته من أن “الانزلاق نحو المواجهة المباشرة قد يحدث بشكل سريع وستكون تبعاته جدية وخطيرة على جميع الأطراف”.

ويقول الأكاديمي البريطاني إن هذا الخطر في ازدياد إذا طال أمد الحرب الأوكرانية، و”حاليا لا توجد أي مؤشرات على أن هذه الحرب دخلت في مراحلها النهائية” ، ويضيف أن الغرب يتوقع قيام روسيا بتجميد عملياتها لتجميع قواتها والضرب بقوة من جديد.
في المقابل، فإن أوكرانيا ما زالت تطلب الصواريخ البعيدة المدى والأسلحة الثقيلة من الغرب بهدف إيقاف روسيا، “لكن حتى إن نجحت الأسلحة الغربية في إيقاف الزحف الروسي فهذا لن يعني أبدا نهاية الحرب” برأي كابلان.

وشدد البروفيسور على أن تصوّر بوتين للربح والخسارة في هذه الحرب قابل للتغيير، “فحتى لا يضطر مثلا إلى الانسحاب من كل الأراضي الأوكرانية مقابل الحصول على تعهد بعدم انضمام أوكرانيا للناتو، فهو قادر على ترويج هذا الأمر كانتصار لعمليته العسكرية”، مفسّرا هذا الأمر “بسيطرة بوتين على السردية في الداخل وهو قادر وبسهولة على بيع صورة القوي والمنتصر لأتباعه”.

بوتين لن يتراجع
يتفق البروفيسور فواز جرجس رئيس قسم العلاقات الدولية في جامعة لندن للاقتصاد مع البروفيسور ريتشارد كابلان في تحليل سلوك حلف الناتو وروسيا وكونهما لا يسعيان للمواجهة المباشرة، “وخير دليل على ذلك أن الناتو حريص على عدم تسليم الأسلحة لأوكرانيا باسمه بل باسم كل دولة في الغرب”.

ويحذر جرجس من أن الحروب الكبرى لا تقع دائما عن قصد، “فأحيانا تحدث المواجهات المباشرة نتيجة للتصعيد غير المباشر ولحوادث غير مقصودة”.

ومن بين أوجه التصعيد غير المباشر “إصرار الغرب على تسليح أوكرانيا بأسلحة نوعية”، وهو “ما يوصل القيادة الروسية إلى قناعة مفادها أن الغرب يريد إذلالها وتحويل أوكرانيا إلى مستنقع للجيش الروسي؛ وحينئذ ستوسّع روسيا من رقعة المواجهة”، حسب تقدير الأكاديمي البريطاني.

ولعل أخطر سيناريو يمكن أن يقع هو أن تتخذ القيادة الروسية قرارا بالتصعيد الإستراتيجي، يفسره البروفيسور جرجس بأنه “الوصول لاستعمال روسيا لأسلحتها الإستراتيجية بدءا من الأسلحة البيولوجية وصولا إلى الأسلحة النووية”.

بوتين مصمم والغرب منقسم
وبتتبع السلوك السياسي والأمني للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يؤكد جرجس أنه “لن يتراجع إلا إذا تحققت معظم الأهداف التي وضعها لهذه العملية، وأولها السيطرة على الشرق وأقلها الحصول على ضمانات لعدم انضمام أوكرانيا لحلف الناتو”، داعيا الدول الغربية للتعامل مع هذا المنطق.

ويرى الخبير في العلاقات الدولية أن المعسكر الغربي ليس على قلب رجل واحد، “فهناك معسكر الحمائم الذي تمثله كل من ألمانيا وفرنسا، ومعسكر الصقور الذي تمثله بريطانيا والولايات المتحدة، وهناك انقسامات متزايدة داخل المعسكر الغربي بسبب الارتدادات الاقتصادية لهذه الأزمة”.

وحسب وثيقة للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، اطلع عليها البروفيسور فواز جرجس، فإن “أغلب الأوروبيين يرون أن روسيا مخطئة في حربها على أوكرانيا ولكنهم يؤيدون تخلي أوكرانيا عن منطقة الشرق مقابل توقف الحرب”.

والسبب حسب المتحدث هو “تضرر القدرة الشرائية للمواطن الأوروبي من هذه الحرب فكلما طالت صعّبت الأزمة داخل دول الغرب”.”الجزيرة”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى