هل سيحسّن إنفاق ما يفوق المليون وافد صيفاً سعر الصرف؟
جاء في النهار:
التوقّعات بصيفٍ زاخمٍ تتزايد لدى جميع المعنيين بقطاع ال#سياحة، وعلى رأسهم وزير السياحة، مع اقتراب انطلاق الموسم في أواخر الشهر الجاري. فـ”لبنان أمام فرصة حقيقية لالتقاط أنفاسه خلال فصل الصيف، مع تسجيل قدوم نحو مليون و200 ألف شخص حتى الآن، معظمهم من المغتربين اللبنانيين… وهذا الرقم تمّ إحصاؤه من الحجوزات لدى مكاتب السياحة والسفر”، بحسب رئيس اتّحاد النقابات السياحية في لبنان بيار الأشقر.
ينتظر لبنان الوافدين الذين سيشكّل المغتربون معظمهم، وهم حمَلةُ “الفريش”، ليأتوا وينفقوا #دولاراتهم، لعلّ هذا الإنفاق يكون الأوكسيجين للبلد المنهار، خلال بضعة أشهر صيفية. وبالحديث عن إنفاق الدولار “الفريش”، وبحجم واسع النطاق، لا بدّ من السؤال: كيف سينعكس ذلك الإنفاق على الاقتصاد؟ وهل سيحسّن من #سعر الصرف؟
لا شكّ في أنّ الأنظار شاخصة اليوم على الموسم السياحي الموعود في ظلّ توقّعات وزارة السياحة بوصول أكثر من مليون وافد خلال فصل الصيف الممتدّ من منتصف شهر حزيران حتى منتصف شهر أيلول، وهو ما يشكّل بحدّ ذاته، وفق مدير الأبحاث في اتّحاد أسواق المال العربية، الدكتور فادي قانصو، “جرعة أوكسيجين تفاؤلية على صعيد العجلة الاقتصادية عموماً، والقطاع النقديّ خصوصاً، ولا سيّما أنّ توافد ما يزيد عن مليون وافد من شأنه أن يسهم في ترسيخ استقرار نسبي على صعيد سعر الصرف، وهو ما يعوّل عليه مصرف لبنان لتمويل التعميم 161 ودعم سعر الصرف في المرحلة المقبلة”.
وفي حديثه لـ”النهار”، يربط ما ذكر بشرط أساسيّ، وهو “توفّر الاستقرار السياسي والأمني في البلاد لتأمين مناخ مؤاتٍ يشجّع على قدوم هؤلاء الوافدين، إذ إنّ أيّ خضّة سياسية على صعيد تشكيل الحكومة على سبيل المثال، قد تكون لها تداعيات سلبية على موسم الصيف والحركة السياحية”.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ الجزء الأكبر من الوافدين هم من اللبنانيين المغتربين، يليهم العراقيّون. وكما هو معلوم، فإنّ ما ينفقه المغترب اللبناني أقلّ نسبيّاً ممّا ينفقه السائح العربي وتحديداً الخليجي الغائب على ما يبدو أيضاً هذا العام. من هنا، برأي قانصو، فإنّ “ما يُحكى عن استقطاب نحو 3 مليارات دولار من الإيرادات السياحية يبدو مبالغاً فيه، ما يعني أنّ التعويل على الموسم السياحي لتحقيق خرق جدّيّ مستدام على صعيد سعر الصرف يبدو مبالغاً فيه أيضاً”.
فالخرق الأساسيّ والأوحد، في نظر قانصو، “يبقى رهن تشكيل حكومة بسرعة وتفعيل عملها” بطريقة منتِجة لمواكبة عملية إطلاق برنامج إنقاذ شامل من أجل إعطاء صدقيّة للمساعي الإصلاحية المطروحة، ولاستعادة الثقة بالوضع الاقتصادي والسياسي والحكوميّ، وثقة المغترب اللبنانيّ والتأسيس لمرحلة جديدة ونهج جديد ورؤية اقتصادية جديدة. وإلّا، فإنّ أيّ فراغ حكومي، خصوصاً في ظلّ الانقسام العمودي الحادّ المتجلّي في مجلس النواب، سيكون بمثابة انتحار جماعيّ، ويحمل في طيّاته آفاقاً سوداوية في ما يخصّ سعر صرف الدولار فور انتهاء موسم الصيف ودخولنا في شهر أيلول المقبل.
كذلك، وفي حديثها لـ “النهار”، تورد الخبيرة الاقتصادية، الدكتورة ليال منصور، أنّه “في حال عدم تجدّد الأزمات على أنواعها، من سياسية وأمنية ومعيشية كالبنزين والكهرباء وسواها، سيكون الموسم الصيفي إيجابيّاً، وإنفاق المغتربين الكبير سيشكّل حركة اقتصادية بلا شكّ”. وما دام مصرف لبنان يتدخّل في سوق القطع عبر التعميم 161، سيبقى الدولار مستقرّاً، لكنّ تدخّل المركزيّ ليس سياسة نقدية بل إجراء مؤقّت، وفق منصور.
لذلك، إنفاق الوافدين وإن كان كبيراً، لن يحسّن من سعر الصرف بل سيجعله مستقرّاً لا أكثر، وإن تراجع عند حدود الـ27000 ليرة لا يُعتبر ذلك تراجعاً، بحسب منصور، فسعر الدولار ليس عبارة عن رقم، بل هو يعكس المسار الذي يسير فيه البلد.