“شتائم وسباب وكلمات نابية”… هذا ما يُحضّر ليوم الاقتراع
يعتقد البعض أن المواطن اللبناني أفرغ جزءا كبيرا من غضبه ونقمته الناتجة عن الانهيار الشديد الذي يشهده المجتمع على المستويات والصعد كافة ،وعن اشكال الذل اللامتناهية التي باتت نمطا سائدا ومتبعا في يومياته، في ساحات” ثورة 17 تشرين” التي تنقلت بين بيروت وجل الديب وصيدا وطرابلس وكفرمان والبترون وبعض مدن البقاع وغيرها.
فهذه الساحات، وعلى مدار أيام متتالية شهدت تجمعات وصرخات مفعمة بالألم والوجع والنقمة والعتب بوجه الأحزاب والتيارات السياسية من مختلف الانتماءات والطوائف والمناطق.
وبنظرة دقيقة إلى هذه الصرخات والى عناوينها، يمكن القول إنها في غالبية مضمونها محقة لا بل صائبة واكيدة، إذ أن رفع الصوت بوجه الكم الهائل والكبير من الفساد الذي يتحكم بمفاصل الحياة اللبنانية وبوجه مختلف أنواع التفلت الأمني والاقتصادي والاجتماعي والحقوقي، يظهر طبيعيا ومحقا، لا بل يمكن اعتباره واجبا وطنيا وضرورة أدت بمرحلة معينة الى كسر الجمود السياسي والى رسم آفاق جديدة في العلاقة ما بين الاحزاب والمواطنين.أما من حيث الشكل، فلا بد من الاشارة الى ان معظم الصرخات بمختلف مضامينها المشار إليها سابقا، اتخذت طابعا غير لائق من خلال استخدام عبارات ومصطلحات لا تشبه الاخلاقيات والتربية اللبنانية والطرق التواصلية التي اعتاد المواطن اتباعها، وقد تكون اشهر هذه التعابير والصيحات والمصطلحات اغنية ” الهيلا هيلا هيلا هو” التي رددت في مختلف ساحات “ثورة 17 تشرين”.
واليوم على مسافة اسبوع من موعد الانتخابات النيابية التي على الرغم من الصمت الانتخابي الالزامي، أعطى بعض الناخبين لنفسهم صفة المتحدث الرسمي باسم الأحزاب والتيارات واستمروا في لعبة الكلام لا بل الإسراف في الكلام واعتماد أساليب وتعابير لا تمت الى طبيعة المجتمع اللبناني بأي صلة عبر المنصات الافتراضية المختلفة، ما جعل الدعوة الى تسريع هذه الأيام وانتهائها واجبة ومحقة.
وعلى مقربة من الخامس عشر من أيار بدأت الأحاديث تنطلق عن نقمة شعبية مستمرة ومشابهة لما حصل في ساحات الحراك أو الثورة، ستترجم في صناديق الاقتراع من خلال وضع بعض الأوراق بداخلها تتضمن تعابير نابية وشتائم وسباب موجهة إلى بعض التيارات والأحزاب والشخصيات السياسية. واللافت، أن هذه الحركة التي انطلق الحديث عنها بصورة عفوية، ومن ثم بدأ التحضير لها بشكل ممنهج ومنظم عبر اختيار مصطلحات وتعابير موحدة وخاصة، تحدّد وفقا للدائرة الانتخابية ووفقا لحضور الاحزاب والتيارات السياسية في الأقضية الانتخابية.وهنا، يرى بعض المتابعين أن هذه العملية هي عملية ضرب واضح لأي قدرة على التغيير أو التعبير المحق عن الغضب العام الذي يعتري نفوس المواطنين، فاستخدام “لغة الشارع” في” ثورة ١٧ تشرين” رسم حولها الف علامة استفهام ولم يوصلها إلى أي بر أمان، لا بل جعلها محط نفور من قبل شريحة واسعة من اللبنانيين الذين غالبا ما يبحثون عن لغة العقل والمنطق، لذلك لا بد من التساؤل حول الجدوى من تكرار هذه التجربة وعن الهدف الأساسي والجوهري من الاقدام عليها.أما عمليا ووفقا للقانون الحالي، فإن أي ورقة مخالفة للوائح المعدة سلفا من قبل وزارة الداخلية والبلديات أو أي ورقة تحمل إشارة معينة مغايرة للإشارات الواجب وضعها في المربعات المخصصة لها ومن اي نوع كانت، تؤدي مباشرة إلى اعتبار الورقة ملغاة وبالتالي عدم احتسابها، وعدم تمكن صاحبها من انتاج اي تغيير أراد التعبير عنه بأسلوبه وطريقته.وهذا ما يعزز بطريقة أو بأخرى حضور الأحزاب التقليدية التي قد تكون معظم الكلمات النابية المتوقع العثور عليها في صناديق الاقتراع موجهة لها بشكل صريح ومباشر.انطلاقا من كل هذا، لا بد من ان يتنبه المواطن اللبناني قبل الاقدام على اي خطوة من هذا النوع،فالتعابير السوقية التي ساهمت في تشتت وضعف الثورة، قد تساهم أيضا في تشتت الأصوات الانتخابية وتحويلها الى ضعيفة.
المصدر: لبنان 24