إنتخابات 2022اهم الاخبارمحليات

علي حسن خليل يغرق في كرسيه البلاستيكي

فوجئ الوزير علي حسن خليل، خلال زيارة انتخابية لقرية دير سريان في الجنوب، بأن أحد الأشخاص في مجلسه، حاد عن الخط المرسوم له، متمرداً على مسار القطيع، متحدثاً بنبرة لا يجدر بالانسان العادي، من عامة الشعب أن يتحدث بها في حضوره.


القصة بدأت عندما تجرأ المواطن الجنوبي الفقير، مازن ابراهيم، على طرح مجموعة من المشاكل، مواجهاً خليل بفشل حركة أمل وحزب الله والسلطة كلها في تأمين أبسط الحاجات للناس، وأن قرار الناس هو مقاطعة الانتخابات، وذلك في فيديو انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي وأشاد الناشطون بشجاعة ابراهيم في مواجهة أحد رموز الفساد في الدولة.

ويبدو أن هذه الأيام ليست الفترة المفضلة بالنسبة لحسن خليل. فترة ما قبل الانتخابات ترهق المرشحين، زيارات إلى العائلات الناخبة، المشاركة في الأفراح والأتراح، احتساء القهوة المرّة، التنقل الدائم من مكان إلى آخر.

والأهم من ذلك كله هو النزول إلى مستوى العامة، الاحتكاك بهم، الجلوس على الكراسي البلاستيكية البيضاء غير المريحة، والاستماع إلى أحاديثهم وتذمرهم الدائم من مشاكل يعتبرها خليل ربما ثانوية وتافهة، الماء والكهرباء، الاستشفاء وفرص العمل، أسعار الصرف، الفقر. سيكون عليه أن يستمع إلى ذلك كله، ويبدي تعاطفه الزائف مع هؤلاء الفقراء، سكان الهامش، الذين يعيشون كيفما كان وربما لا يجدر بهم الطموح لأكثر من ذلك.

يكون كل شيء معداً مسبقاً بحرص شديد، كي لا يخترق صفوف الجماهير المصفقة لمعالي الوزير، أي مُندسّ قد يعكر مزاج جولته الانتخابية بسؤال تعجيزي أو اعتراض على موضوع يرى الوزير أن السائل لا يفقهه، ولا حاجه له لأن يفهم ولا دخل له في مواضيع أكبر منه، فللسياسة رجالها وللأرض من يزرعها ولا يجوز أن يحشر المزارعون أنفسهم في كواليس عليّة القوم ومجالسهم.

وأمام ابراهيم، صمت خليل مطولاً. غرق في كرسيه البلاستيكي الأبيض، لم يجد ما يرد به على تساولات الشاب، ثم سأله: “ما رأيك؟”. غاب عن باله تماماً أنه هنا لكي يجيب على أسئلة الناس ويقدم لهم حلولاً لمشكلاتهم كي يعطوا أصواتهم له. أمام صمته وجد بعض الجالسين أنفسهم مضطرين لأن يحملوا قليلاً من العبء الثقيل عن معاليه، هو المثقل بالنيابة والاجتماعات مع الوزراء والرؤساء وممثلي الدول الأجنبية لا يمكن إرهاقه بجدال مع عامل بسيط.

على أن حسن خليل ليس وحيداً، فموقفه وصمته يمثل قيادة حركة أمل ككل، لأنها ليست كحزب الله. أي أنها لا تمتلك أيديولوجيا تدفع بها الناخبين لصب أصواتهم لها، بغض النظر عن أوضاعهم وظروفهم. طوال عقود سابقة اعتمدت الحركة على الخدمات التي تقدمها لجمهورها، على الإنماء الذي تقوم به عبر الدولة، مشاريع الماء والكهرباء والمدارس والمستشفيات، هي حقوق للمواطن وواجبات على الدولة، طوبتها حركة أمل باسمها.

ثم جاء الانهيار، خسر الناس وظائفهم وأعمالهم وودائعهم، أتى ارتفاع سعر الصرف على رواتبهم، دمر الانهيار خدمات الدولة من استشفاء إلى كهرباء ومشاريع. أمام هذا الواقع، لا يملك وزراء ونواب وقياديو حركة أمل إلا الغرق في كراسيهم البلاستيكية البيضاء والصمت والخجل.

المصدر: المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى