حادث الصرفند “الأخطر انتخابيًا”.. “الثنائي” المتضرّر الأكبر منه؟!
في عطلة نهاية الأسبوع وعيد الفصح المجيد، سيطر الجمود على الحركة السياسية، بما فيها الانتخابية، التي تراجعت أنشطتها إلى الحدّ الأدنى، رغم أنّ المهل بدأت تضيق مع اقتراب موعد الاستحقاق، الذي بات أقلّ من شهر واحد يفصل عنه، ولو أنّ الغموض لا يزال يسيطر عليه بشكل أو بآخر، في ظلّ موجة “الإشاعات” التي تحدق به.
لكنّ هذا “الهدوء” الظاهر خرقه “حادث” غير مسبوق في الشكل والمضمون، في الصرفند جنوب لبنان، حيث مُنِعت لائحة “معًا للتغيير” التي تخوض الانتخابات في دائرة الجنوب الثانية، من إقامة مهرجان كان مقرَّرًا لها في أحد المطاعم، بعدما تعرّض لها عدد من الشبان، وقطعوا الطريق على المشاركين في اللقاء، واعتدوا على بعضهم.
ومع أنّ حركة “أمل” التي أشارت تقارير صحافية إلى ضلوعها في الحادث، نفت أيّ علاقة لها به، قبل أن تعلن كتلة “التنمية والتحرير” رفع الغطاء عن أيّ مسيء، فإنّ مجرّد وقوع الحادث أثار العديد من علامات الاستفهام، فهل هو فعلاً مجرّد عمل “عفوي” انجرّ إليه بعض المناصرين “عاطفيًا”؟ وأليس “الثنائي” المتضرّر الأكبر منه، على أبواب الانتخابات؟!
الرسالة وصلت”
لا تبدو حجّة العمل “الفردي والعفوي” مقنعة بالنسبة إلى معارضي “الثنائي”، الذين لم يجدوا أساسًا في نفي حركة “أمل” مسؤوليتها عنه، وإدانتها لمجرياته، أكثر من “محاولة للقفز إلى الأمام”، ولا سيما بعد “الضجة” التي أثيرت نتيجة الحادث، ووضعت “الثنائي” في قفص الاتهام، بعدما كان يؤكد ترحيبه بالمنافسة، ويبدي “ثقته” بأنّ “الانتصار” حليفه، وأنّ خصومه لن ينجحوا في تسجيل أي “خرق” في المناطق المحسوبة عليه.
بالنسبة إلى هؤلاء المعارضين، فإنّ المُخطَّط من الحادث كان توجيه رسالة للقاصي والداني، “وقد وصلت الرسالة”، ومفادها بحسب ما يقولون، إنّ ثمّة “ضوابط” للمعارضة في المنطقة، وهو ما يتناغم مع الأجواء التي تمّ ضخّها في الأيام الأخيرة عبر وسائل التواصل، وفيها اتهامات واضحة بـ”التخوين والعمالة” لبعض المرشحين في لوائح المعارضة، فضلاً عن إظهارهم وكأنّهم من خارج البيئة الجنوبية التقليدية، أو أنهم “دخلاء” عليها.
لكنّ خصوم “الثنائي”، سواء من المحسوبين على لائحة “معًا للتغيير” أو غيرها، يصرّون على وجوب “تلقّف” الرسالة بالاتجاه المعاكس، وذلك من خلال “تفعيل” حضورهم الانتخابي، بل تضامنهم، علمًا أنّ عددًا من مرشحي اللائحة والمحسوبين عليهم باشروا اتصالات لإقناع مرشحي اللوائح المعارضة الأخرى، غير المكتملة، للانسحاب من السباق لصالحهم، ولو أنّ مثل هذا الانسحاب لا أثر قانونيًا له في الوقت الحاضر، بموجب القانون.
خطيئة” وأكثر!
لكن، في مقابل رأي معارضي “الثنائي”، ثمّة وجهة نظر لدى شريحة واسعة تفيد بأنّ الحادث ليس على الإطلاق في مصلحة “حركة أمل” و”حزب الله”، بل إنّ الطرفين المذكورين قد يكونان “المتضرّر الأكبر” منه عمليًا، خصوصًا أنه يأتي ليثبت بعض الاتهامات التي كانت توجَّه لهما بمنع أيّ نشاط “معارض”، والتي كانا يعتبرانها مجرد “افتراءات” لا أساس لها من الصحة، وكان دليلهما على ذلك ترشح أفراد معارضين، “على رأس السطح”.
من هنا، يعتبر كثيرون، وبينهم محسوبون على “الثنائي” ومتحمّسون له، أنّ ما حصل، إذا كان فعلاً بأيادٍ “صديقة”، هو “خطيئة” ربما “لا تغتفر”، لأنّ لا وجود لأيّ مصلحة بهذا الحادث، سوى “تغذية الإشاعات” التي توجَّه لهذا الفريق، الذي ذهب البعض لحدّ القول إنّه رفض مثلاً استحداث “الميغاسنتر” خشية عدم قدرته على تحكّمه بالمسار، من خلال “السيطرة” على حركة الدخول والخروج إلى القرى، فإذا بهذا الحادث “يكرّس” مثل هذا الرأي.
ويرى أصحاب هذا الرأي أنّ “افتعال” الحوادث مع المعارضين، بهذا الشكل، من شأنه أن “يُضعِف” موقف “الثنائي” الذي يتعاطى مع الانتخابات، خصوصًا في الجنوب، على أنّها “مضمونة ومحسومة”، وبالتالي فإنّ “المنافسة” قد تكون مفيدة بالنسبة إليه، في وجه “الضغوط”، علمًا أنّ هناك من يعتبر أنّ ما حصل قدّم “شهرة مجانية” للائحة، لم يكن كثيرون يعرفون بها أساسًا، لولا الحادث الذي يُعَدّ “الأخطر انتخابيًا”.
ثمّة من يعتبر أنّ كلّ شيء يصبح “مُباحًا” في موسم الانتخابات، وثمّة من “يستبشر خيرًا” بأيّ حادث يحصل، باعتبار أنه دليل على أنّ الانتخابات “حاصلة” رغم كلّ الإشاعات. لكن، بمُعزَلٍ عن كلّ ذلك، لا يمكن اعتبار ما جرى في الصرفند أمرًا عاديًا، لأنّ الثابت أن أيّ عملية انتخابية تجري في ظلّ عنفٍ، أيًا كان شكله أو مصدره، تفقد الكثير من مقوّمات النزاهة والديمقراطية، وهي “جوهر” الانتخابات بطبيعة الحال!
المصدر : لبنان ٢٤