اهم الاخبارمحلياتمن الصحافة

على قارعة المجتمع الدولي الموهوم

كتب المدير العام لوزارة الإعلام الدكتور حسان فلحة في “النهار”:

غالبا ما تعيش المجتمعات “المتمدنة” و”المتحضرة” انفصاما حادا في كينونة وجودها وتناقضا بين ما تؤمن به وبين ما تعمل عليه، فتُغْرِقُ دساتير حكمها ومدونات سلوكها بمداد المسافة المترامية بينها وبين تاريخها في حقوق الانسان وعظمة الفرد وحريات الرأي  والتعبير وعدم التمييز على اساس الدين والجنس واللون، والاسود لديها يخاله الواحد احيانا  من كثرة الافراط التوكيدي والامعان الإصراري، اكثر بياضا من لون بشرتها وانصع من شعاراتها. وهي لا تتوانى بلا مواربة من اسقاط انظمتها الغارقة بالمنمقات المثالية على مدارك حكم الاخرين وسياساتهم بفوقية متعالية، وامعان بأشد التفاصيل التى تعيب الركون غالبا الى القيم والعادات والتقاليد المتاحة او المتوارثة، وحتما لا تبغي من وراء ذلك حكما رشيدا شفافا او انظمة عادلة بقدر ما تسعى الى التبعية في الاداء والطاعة في الولاء وتنميط المسارات المتكررة المتشابهة من فوق، والمغايرة حد الغرابة من تحت، وطبعا لن نسقط   ولا يستطيع احد اسقاط الحالات الرثة والبالية ولا تغييبها في مقادير الحكم في دول “العالم الثالث” التى اطلق تسميتها قبل سبعين عاما العالم الفرنسي الفرد سوڤيAlfred Sauvy   . فالمعايير المتأرجحة والمزدوجة ازاء القضايا المتشابهة تستهوي الامم المتقلبة والقلقة على الدوام والتى تعاني من فوبيا الاضطراب المجتمعي والانفصام المعاييري في المثالية المطلقة ذات غب الطلب واشكالية الممارسة السلبية التى تنقشع عندها محنة الأخلاق في الاعتقاد  الايجابي عندما يختلي الفكر البشري بالمقارنة بين ما يؤمن به الغرب وبين ما يفعله وهي ارتدادات قد تكون طبيعية لنتائج حربيين عالميتين هي الاكثر دموية في تاريخ الانسانية وسجلاتها منذ العصر الحجري الى العصر النووي وبالتحديد على اراضي القارة الاوروبية التى ابهرها التوغل في النزعة الفلسفية نحو اعلاء حقوق الانسان والفرد ورفاهية المجتمع لتقاس “معاييرها بادق المقاييس و اوزانها توزن باخف الاوزان”، هذه  الدول ذاتها تغرق البشرية بأعتى  ادوات القتل وافتك وسائل الموت وعنيت بذلك صناعة السلاح وتجارته التى تحتكرها الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن. وهي حتما ليست وسائل دفاعية مشروعة بل هي وسائل قتل ودمار وفناء، اذ كيف يمكن الجمع بين صناعة الاسلحة وتجارتها التى يتجاوز حجمها الفا وثمانمئة وثلاثين مليار دولار سنويا وبين مبادئ حقوق الانسان قواعدها والمعاهدات الدولية وشرعاتها او بين تجارة الادوية التى تتجاوز ٣٦٧ مليار دولار سنويا تسيطر الولايات المتحدة و اوروبا على اكثر من ستين بالمئة من مقدراتها  وبين حق الفرد في الصحة والاستشفاء.

بعيدا عن التورية والمواربة ان الهوة سحيقة. بين حقوق الانسان والنظم التربوية، وحقوق الانسان والثروات الطبيعية، وحقوق الإنسان والهجرة والاقامة، وحقوق الانسان والنظم الصحية، وبين انسانية الانسان وحقه في الحياة.
ان الارتباك مفرط في ازدواجية المعايير  بين حياة الانسان وقتله.
لقد كشفت الحرب الروسية الاوكرانية النزعة المميتة في الغرب نحو العنف الغارق في القتل يفوق النزعة العدوانية التى تنسب الى الشرق حيث ان المجتمعات الغربية والشرقية التى توهمت العيش في كنف رفاهية السلم والامن الدوليين تجد ذاتها في مجتمع وهمي هو  المجتمع الدولي او مركز التجارة  العالمي للسلاح. واحتكار صناعة الدواء  لقد تقينتْ نبؤة الفرد سوڤي بان “اوروبا توشك ان تصبر قارة من شعب مسن  في بيوت قديمة وافكار قديمة “… ولكنها ذات حروب جديدة متجددة تجذبها نزعة الانسان نحو الانغماس في حروب القتل  التي بدأت منذ الجريمة الاولى بين هابيل وقابيل. وما تزال..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى