“الكابيتول كونترول” الفرصة الوحيدة المتاحة لإستعادة المودعين أموالهم
مرّة جديدة تدخل المناكفات السياسية لتأخذ حيزًا واسعًا من الصراعات التي باتت مكشوفة، والتي من شأن تفاقمها أن تطيح بكل ما تسعى إليه الحكومة، ولو بالحدّ الأدنى من الإمكانات الضئيلة التي تملكها، والتي تحاول من خلالها إنقاذ ما يُمكن إنقاذه قبل خراب البصرة.
ولأسباب تتصل بالمحاصصة السائدة وبخلفيات سياسية وطائفية، تعيش البلاد على وقع الترقب الحذر الذي تبديه أوساط القطاع المالي بشأن الصيغة التي يمكن أن ينتهي إليها مشروع الكابيتول كونترول أو “تطييره” مجدداً. فهذا المشروع يشكل المرجعية الحاكمة قانونياً لإدارة أعمال المصارف ومهامها تحت وطأة الأزمات، لا سيما لجهة إدارة السيولة النقدية وتدفقاتها بالدولار وبالليرة، وتنظيم السحوبات، ووضع ضوابط للتحويلات خارج الاستنسابية والشكاوى المتعاظمة لدى المحاكم والمرجعيات القضائية داخل لبنان وخارجه.
وعلى رغم هذه الأجواء غير المطمئنة يُرجّح البعض تغليب المصلحة الوطنية العامة على أي مصلحة أخرى، وذلك تزامنًا مع وصول بعثة صندوق النقد الدولي إلى بيروت لإستكمال المحادثات حول هذا الموضوع المحوري الذي طُرح في الاجتماعات الافتراضية خلال الأسبوعين الماضيين، والتزام الجانب اللبناني بإتمام خطوات قانونية وإجرائية من شأنها تسريع طرح الخطة الحكومية للإنقاذ والتعافي، وهذا ما سيحاول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي شرحه في الجلسة العامة غدًا، وهي ملزمة لطرح المشروع على المناقشة لأنه محال إليها بصفة مشروع قانون مكرر معجل، بغض النظر عمّا سيصدر عن اللجان المشتركة في جلستها اليوم.
ووفق بعض المعطيات فإن الحكومة، وبشخص نائب رئيسها سعادة الشامي، ستضع مجلس النواب أمام مسؤولياته التاريخية، مع حرصها على إحترام مبدأ فصل السلطات والإقرار بأن المجلس هو سيد نفسه، ولكن لـ” الضرورة أحكامًا”، إذ كان يجب إقرار هذا القانون منذ نشوب الأزمة المالية، خصوصًا أن مشروع القانون المعروض على الجلسة العامة بصيغته الجديدة من شأنه أن يساهم في إعادة الاستقرار المالي، وقدرة المصارف على الاستمرار، اللذين يشكلان شرطين أساسيين لاستئناف العمليات المالية، وبالتالي، فإنه يهدف إلى إدخال ضوابط على عمليات التحاويل إلى العملات الأجنبية بشكل شفاف لمنع المزيد من تدهور سعر الصرف، لحماية احتياطي البنك المركزي بالعملات الأجنبية، ولاستعادة السيولة في القطاع المصرفي ولحماية المودعين فيه.
ففي مقدمة المشروع يرد “أن لبنان عانى ولا يزال من فقدان الثقة بالاستثمار فيه ما أدى إلى حركة تحاويل مصرفية هائلة إلى الخارج، وهو ما يعرف أيضاً بهروب رؤوس الأموال إلى الخارج. لذلك، من الضروري احتواء حركة التهافت للتخلص من العملة الوطنية والأصول المحلية من خلال الحد من التضخم، والحد من ردة الفعل المفرطة للمستثمرين في بيع الأصول اللبنانية”. فهل تدخل السياسة هذه المرّة أيضًا لتزيد من معاناة اللبنانيين ولإشاعة المزيد من أجواء الإحباط ، أم تحلّ الحكمة مكان تخّلي البعض عن مسؤولياته؟
لبنان ٢٤