رحلة البحث عن الزيت والسكر…
كتبت كارول سلوم في “أخبار اليوم”:
تمسك سيدة “غالون الزيت” في إحدى المحال التجارية، وكأنها تمسك ذهبا، تتنقل به من مكان إلى آخر وصولا إلى الألة التي تقدم المعلومات عن السعر.. “الطنة” عند “تشييك” السعر قوية والاصفار التي تبرز لا يمكن إلا تعدادها منعا للخطأ.
ولأن اللبناني لم يعد يصدق ما يراه، يطلب مساعدة غيره للتدقيق . وهذا ما يحصل مع الجميع تقريبا، حتى وإن لم يكن يعاني أحد ما من ضعف النظر . وعند انتهاء المهمة أمام الألة، تذهب السيدة به مجددا إلى الرفوف التي تضم أشكالا وأنواعا من زيوت دوار الشمس، تعود وتحمل غالونا مشابها وتسأل عما إذا كان عليها أن تشتري سعة “الخمس ليتر” أو “الثلاثة” أو الأقل منهما.
تفكر للحظات، وتفتح محفظتها لتلمس إمكاناتها، فسعر الغالون أصبح بسعر الذهب ولما لا فلونهما واحد!؟
ثم تقول في نفسها مجددا: من الأفضل أن أشتري الآن قبل أن يرتفع سعره أو “ينقطع”. تدخل في صراع فكري عن الحجم، وتفضح عن جرأتها عندما تختار غالون “الخمس ليتر”!… انه إنجاز في ظروف كتلك التي تمر في البلد… لقد انتصرت تلك السيدة في “معركة الزيت” الذي يتبدل سعره بشكل يومي بفعل الأزمة الأوكرانية.
وفي المتجر نفسه، سيدة أخرى فاتها أن “تتمون” من مادة السكر. فتقلب الرفوف بحثا عن هذه المادة… أنها الخيبة “ولا حبة سكر”. تستنجد بالموظف سائلة عن طلبها، لكنه يعتذر: كان في كتير مبارح ..بس اكيد ممكن نجيب مرقي بكرا”.
كيف ذلك؟ تسأل، لكن الا يوجد كيس صغير ؟ يعتذر الموظف مرة أخرى وينصرف إلى ترتيب الأسعار . تقف السيدة حائرة لتلتقي بأخرى شاكية وضعها، لكن فجأة تتبدل ملامحها الحزينة، عندما ترشدها إلى محل آخر تتوفر لديه هذه المادة ، “لكن الأسعار نار الكيلو وصل إلى ٣٠ الف”… لا تكترث السيدة الباحثة عن السكر: المهم أن أجده. تشكر المرأة ، ولولا كورونا لكانت احتضنتها وتهرع إلى المكان وكأنها ربحت اللوتو.
في لبنان أيضا، ثمة من أصبح يملك هواية تدعى “حفظ أسعار جميع المنتوجات عن ظهر قلب” لمقارنتها بين محل وآخر . وللغاية لا يرى مانعا في السفر من منطقة إلى أخرى – نعم انه سفر داخل لبنان طالما أن صفيحة البنزبن اصبحت مرتفعة- كل ذلك بهدف التوفير ولو ببضعة آلاف.
وفي المقلب الأخر ، هناك من تحكم به الخوف من فقدان المنتوجات ورسم صورة الجوع في مخيلته، ولذلك لم يتوان من صرف كل ما في جيبه والتبضع و”ضبّ” ما أمكن من مواد للطعام ولغير الطعام حتى.
للأسف هي وقائع في بلد تحيط به المشكلات من كل حدب وصوب… ومواطنوه “يقبعون فيه أشواكهم بأيديهم”… ومستمرون بذلك.