اهم الاخبار

السلاح الفلسطيني أولًا: خطوة جريئة نحو تفكيك احتكار السلاح خارج الدولة؟

بقلم: د. ميراي زيادة

في لحظة إقليمية دقيقة، تتشابك فيها ملفات النفوذ الإقليمي مع معادلات الأمن الوطني، يخرج ملف السلاح الفلسطيني في لبنان من الظل ليحتل مقدمة الأولويات السياسية. زيارة الرئيس محمود عباس المرتقبة إلى بيروت ليست زيارة مجاملة، بل محمولة على نَفَس حاسم: السلطة الفلسطينية مستعدة لنزع السلاح من المخيمات، والتعاون مع الدولة اللبنانية في تنفيذ هذا القرار السيادي المؤجل منذ عقود.

فهل نحن أمام تحوّل استراتيجي فعلي؟ وهل بات هذا القرار الفلسطيني مدخلًا نحو معالجة أوسع لمنظومة السلاح خارج شرعية الدولة اللبنانية؟
الرئيس عباس لم يكن يومًا متحمسًا لبقاء السلاح الفلسطيني في لبنان. بل كان واضحًا في مواقفه: “السلاح في المخيمات لن يحرر فلسطين، بل يعقّد واقع اللاجئين ويهدد أمن لبنان.” واليوم، ومن منطلق وطني لبناني وفلسطيني، يبدو أن الإرادة السياسية لتصفية هذا الملف أصبحت ناضجة.

من جهة الدولة اللبنانية، ولا سيما الجيش بقيادة الرئيس جوزف عون، يُقرأ هذا التحول كفرصة استراتيجية لتفعيل القرار الوطني بحصر السلاح بيد الدولة، والبدء من الحلقة الأقل تعقيدًا سياسيًا مقارنة بسلاح حزب الله.

من السلاح الفلسطيني… إلى حزب الله؟
ثمة قناعة داخل دوائر القرار في بيروت أن نزع السلاح الفلسطيني سيكون بمثابة الاختبار الأول لجدية الدولة في استعادة سيادتها، تمهيدًا للملف الأكبر: سلاح حزب الله. فالنجاح في تنظيم سلاح الفصائل داخل المخيمات سيمنح الدولة ورقة ضغط أخلاقية وشعبية للمطالبة بتطبيق مبدأ السيادة الكاملة على الأراضي اللبنانية، من دون ازدواج في السلطة أو تفويض غير رسمي.

لكن الطريق ليس معبّداً.
صحيح أن “فتح” تُظهر مرونة واستعدادًا، لكن واقع الحال في المخيمات يُظهر أن زمام المبادرة لم يعد بالكامل بيدها. فقد نجحت “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في بناء قواعد نفوذ عسكرية وأمنية، بدعم مباشر من محور إقليمي يتقاطع مع مصالح حزب الله.

هذه الفصائل قد تستبق أي محاولة لنزع السلاح بتقديم سلسلة شروط سياسية واجتماعية ترتبط بحقوق الفلسطينيين في لبنان، ما يحوّل العملية الأمنية إلى صفقة سياسية كبرى.
أما حزب الله، فهو يراقب ويحسب. هل يدع المبادرة تمر لتبقى الورقة الفلسطينية على الطاولة كورقة ضغط؟ أم يستثمر نجاح الدولة في نزع السلاح الفلسطيني كذريعة للقول إن زمن السلاح انتهى… بشرط توافق إقليمي؟
إذا مضت الدولة في استكمال هذا المسار، ونجحت في ضبط السلاح داخل المخيمات وتسليم الأمن إلى الجيش اللبناني، فذلك سيمثّل أول انتصار فعلي لمنطق الدولة منذ اتفاق الطائف. أما التراجع أو الرضوخ للمناورات، فسيمنح مزيدًا من الشرعية لمنطق السلاح الموازي، ويؤجل المواجهة الحتمية مع المعادلات الشاذة التي تُكبّل القرار اللبناني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى