بعد عدم اقرار قانون استقلالية القضاء … هل تبقى الانتخابات النيابية القادمة مدخلا للحل ؟
كتب بسام غنوم:
تعيش الساحة اللبنانية في ظل حالة من الفوضى والانقسام مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المقررة في منتصف شهر ايار القادم ، ويحرص كل طرف على استغلال الوضع السائد حاليا دونما اعتبار لمصلحة لبنان واللبنانيين في ظل الظروف الحساسة التي يمر بها لبنان حاليا.
وقد شكلت جلسة مجلس النواب الاخيرة نموذجا فاقعا للمواقف والسياسات التي لاتخدم لبنان واللبنانيين، حيث رفض مجلس النواب اقرار قانون استقلالية السلطة القضائية واعاده الى لجنة الادارة والعدل للدرس، واقر بالمقابل قانون المنافسة الذي ألغيت بموجبه الوكالات الحصرية ، وتمديد مهلة رفع السرية المصرفية المرتبطة بالتدقيق الجنائي فيما يتعلق بالتحقيق في حسابات مصرف لبنان ، وبذلك يكون مجلس النواب قد استطاع التغطية على عدم اقرار قانون استقلالية السلطة القضائية باقرار قانون المنافسة والغاء الوكالات الحصرية وتمديد مهلة رفع السرية المصرفية ، وفي تعليق لافت على هذا الموضوع غرد النائب ميشال ضاهر عبر حسابه على “تويتر” قائلا : “عدم إقرار قانون إستقلالية القضاء سقطة جديدة للأكثرية الحاكمة في امتحان بناء الدولة واستمرار سياسة “الدليفري” بالأحكام عبر التحكم بالكثير من القضاة من قبل بعض السياسيين والإملاء عليهم. القاضي الجبان أسوأ من الفاسد، مع احترامي للقضاة الشرفاء والأحرار، ونأسف أنه هم باتوا قلة”.
ويعتبر موضوع استقلالية القضاء نقطة اساسية خصوصا ان لبنان مقدم على انتخابات نيابية سيكون لها دور حاسم في تحديد مسار لبنان في الفترة القادمة حيث ان لبنان حاليا حسب مصادر سياسية واسعة الاطلاع ” ليس موجودا لا على الخريطة العربية ولا على الخريطة الدولية إلا من باب الانتخابات النيابية وضرورة اجرائها في موعدها، وفي ضوء نتائج هذه الانتخابات تتحدّد وجهة الموقف من لبنان، وحتى ذلك الحين ليست في الاجندة العربية او الدولية اي خطوات او مبادرات ايجابية تجاه لبنان”، ويؤكد هذا الموقف حالة التعثر القائمة في موضوع استجرار الكهرباء والغاز من الاردن ومصر حيث يرفض البنك الدولي حتى الآن تمويل هذه العملية لاعتبارات اقتصادية وحسابات سياسية مرتبطة بغياب الرؤية الاقتصادية للحكومة اللبنانية للنهوض بالاقتصاد اللبناني ، وكذلك بسبب عجز الحكومة عن تحديد موقف واضح تجاه علاقاتها العربية والدولية بسبب الخلافات في المواقف بين اعضاءها ، والموقف الاخير للرئيس نبيه بري الذي قال فيه “ان العرب يفرضون حصارا على لبنان” ، اكبر دليل على حالة التخبط والفوضى التي تحكم مسار الامور في لبنان حاليا.
والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل هذا الوضع هو : الانتخابات النيابية القادمة هل ستحمل الحل لازمات لبنان واللبنانيين ؟
تحرص مصادر القوى السياسية الممسكة بالقرار السياسي في لبنان على التأكيد ان الانتخابات النيابية القادمة لن تحمل اي تغيير يذكر في تركيبة الساحة السياسية وان نتائج الانتخابات النيابية القادمة لن تكون حاسمة كما تروج قوى المعارضة وهذا الموقف عبر عنه نائب الأمين العام ل “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم أكثر من مرة ، ويعتمد الحزب في رؤيته على قدرة الثنائي الشيعي على التحكم بنتائج الانتخابات في الطائفة الشيعية وكذلك على قدرة حلفاء الحزب من باقي الطوائف وخصوصا في الساحة المسيحية على تحقيق نتائج تسمح باستمرار الوضع على ما هو عليه حاليا.
لكن يختلف مع هذه الرؤية موقف المعارضة التي ترى ان الفرصة مناسبة للتغيير في الانتخابات النيابية القادمة ، وهي ترفض بالكامل رؤية “حزب الله” حول نتائج الانتخابات ، ومع ذلك هي تؤكد ان الانتخابات لن تشكل انقلابا في الساحة اللبنانية بل هي فرصة لاعادة التوزان السياسي في لبنان بين القوى الممسكة بالسلطة وقوى المعارضة بما يسمح بتغيير في الوضع القائم حاليا خصوصا ان على عاتق المجلس النيابي الجديد انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفا للرئيس عون الذي تنتهي ولايته في الثلاثين من شهر تشرين اول القادم ، وبالتالي فان نتائج الانتخابات النيابية القادمة ستكون مفصلية بالنسبة للبنان واللبنانيين.
هذا الاختلاف في المواقف بين قوى السلطة والمعارضة يحمل في طياته مخاطر على اجراء الانتخابات النيابية او عدمه ، ولذك قد يلجأ البعض الى تصرفات ومواقف قد تؤدي اما الى تأجيل الانتخابات او الى افراغ نتائجها من مضمونها في حال كانت النتائج بغير ما يريد الفريق الممسك بالقرار السياسي في البلد حاليا ، وما يجري في العراق حاليا من تعطيل لنتائج الانتخابات النيابية من قبل القوى التي كانت صاحبة الاكثرية في المجلس النيابي السابق دليل على ما يمكن ان يجري في لبنان لاحقا وان كان هناك اختلافات بين لبنان والعراق لناحية التركيبة الطائفية الا ان التعطيل قد يكون احدى الوسائل للانقضاض على نتائج الانتخابات في لبنان ، وقد مارس الفريق الحاكم في لبنان سياسة التعطيل مرارا وتكرارا وخصوصا في انتخابات رئاسة الجمهورية و تشكيل الحكومة وكانت النتائج دائما لصالحه.
باختصار لبنان على مفترق طرق مع الانتخابات النيابية القادمة وما جرى في المجلس النيابي من تعطيل لقانون استقلالية السلطة القضائية مؤشر لايبشر بالخير ابدا . فهل تشكل الانتخابات النيابية مدخلا للحل ام تزيد الامور تعقيدا ؟