شينكر: صواريخ الحزب الدّقيقة… ستُفجّر الحرب
تبادل الرسائل الطائرة بين إيران (بواسطة الحزب) وإسرائيل جاء في لحظة الحديث للمرّة الأولى عن اقتراب “توقيع الاتفاق في فيينا” و”توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية” بين لبنان وإسرائيل. لكنّ ما شعر به البعض يكاد يكون “حقيقة” بالنسبة إلى مدير برنامج السّياسة العربية في معهد واشنطن لسياسات الشّرق الأدنى ديفيد شينكر، وهو المُساعد السّابق لوزير الخارجيّة الأميركية لشؤون الشّرق الأدنى.
بلا تردّد يتوقّع شينكر، في حديث لـ”أساس”، “أنّ امتلاك حزب الله صواريخ دقيقة سيُفجّر حرباً بين لبنان وإسرائيل عاجلاً أم آجلاً”. ويستبعد أن يكون توقيع الاتفاق النووي مانعاً للحرب: “العودة إلى الاتفاق النّوويّ ستُعيد إيران للعمل بزخمٍ في الشّرق الأوسط”، يؤكد شينكر.
يوحي الخبير الأميركي في شؤوننا اللبنانية بأنّ إسرائيل لا يمكن أن تتسامح مع صواريخ دقيقة لدى حزب الله وإيران نوويّة في وقت واحد.
يجزم أنّ العودة إلى الاتفاق النّوويّ لن تكون مقبولة من الحكومة الإسرائيليّة، وهذا كان واضحاً في تصريحات رئيس الوزراء وعدد من المسؤولين الإسرائيليين في الآونة الأخيرة. كما يلفتَ إلى أنّ الإسرائيليين لديهم خطٌّ أحمر فيما يتعلّق ببرنامج الصّواريخ الدّقيقة لحزب الله، والتي تحدّث عنها الأمين العام للحزب أكثر من مرّة وفي خطابه الأخير.
ويذكّر بأنّه “في العام 2015 فإنّ توقيع الاتفاق النّوويّ أعطى “carte blanche” لإيران للتّحرّك في المنطقة، وتوسيع نطاق عمل الميليشيات المدعومة من إيران، تطوير ونشر منصّات صواريخ في مناطق مختلفة من الشّرق الأوسط مثل سوريا، وإعطاء المزيد من الصّواريخ المُتطوّرة لحزب الله.”
وبرأيه أنّ المُفاوضات بين إيران والمجموعة الدّوليّة 4+1 والولايات المُتّحدة، حين تنتهي إلى العودة لاتفاق 2015، ستعطي إيران 100 مليار دولار، ستُنفِقها على أذرعها، بما فيهم حزب الله، الذي ينتظر على رصيف فيينا. ويقول إنّ حزبَ الله الذي يُعاني من أزمة ماليّة داخليّة، دفعته للجوء إلى تجارة الكبتاغون، كغيره من حلفاء إيران، بسبب نقص السّيولة والعملة الصّعبة. لكن مع العودة إلى الاتفاق، ستعود الأموال الإيرانيّة لتتدفّق مجدّداً إلى الحزب والحشد الشّعبيّ وميليشيات الحوثي والميليشيات السّوريّة.
ماذا عن باسيل – هوكستين؟
يتوقف المسؤول الأسبق عن ملفّ الشّرق الأوسط في الخارجيّة الأميركيّة عند ما أثير مُؤخّراً في بعض وسائل الإعلام اللبنانيّة عن أنّه أكّد حصول لقاء بين جبران باسيل وآموس هوكستين: “كلام نُسِبَ إليّ وأنا لم أقُله إطلاقاً في مُقابلتي الأخيرة مع Ici Beyrouth”. ويقول مستغرَباً: “هذه الشّائعة ستُعجب جبران باسيل، خصوصاً أنّ إدراجه على لوائح العقوبات الأميركيّة يجعل وصوله إلى الرّئاسة في لبنان مُعقّداً”.
ويدعو إلى الانتباه لأنّ ملفّيْ “عقوبات باسيل” و”ترسيم الحدود البحريّة” غير مُترابطيْن على الإطلاق، ويسأل: “كيف يُمكن أن يكونا مُرتبطيْن؟ إدراج باسيل على لوائح العقوبات هو بسبب فساده وليس بسبب الترسيم.” ويضيف: “على الرّغم من أنّ باسيل قد يعرض خدماته في هذا الملف مُقابل رفعه عن لوائح العقوبات، إلّا أنّ هذا الأمر لا يصب حقيقة في محاربة الفساد، بل سيُشرّعه، ولهذا لا أعتقد أنّ هكذا صفقة قد تتمّ”.
النفط والتسوية
ينتقلَ الحديث إلى الحدود البحريّة، التي كان شينكر أوّل من أطلقَ المُفاوضات غير المُباشرة بين بيروت وتل أبيب حولها. يُؤكّد أنّ موقف واشنطن منذ بدء المُفاوضات كان ترسيم الحدود بين خطّيْ الإدعاء اللبنانيّ والإدعاء الإسرائيلي، وهذا ما نتجَ عنه ما عُرِفَ بـ”خطّ هوف” الذي يقسم المنطقة المُتنازع عليها (860 كلم2) 56% للبنان و44% للجانب الإسرائيلي. لكن لبنان رفعَ من مطالبه بإدّعاء الخطّ 29 الذي يضمّ 1480 كلم2 إلى المنطقة المُتنازع عليها لهدفٍ واحدٍ فقط، وهو التّرسيم على الخطّ 23. وقال إنّ هذا يُطبّق مبدأ أنّ طرفاً يُطالب بأمرٍ سخيفٍ، ويُقابله الطّرف الآخر بمطلب سخيفٍ أيضاً.
يعرف شينكر أنّ تل أبيب تُريد أن تنتهي من مسألة ترسيم الحدود مع لبنان، لكن في الوقت عينه فإنّ الإسرائيليين لن يتنازلوا بسهولةٍ لمُجرّد الانتهاء من هذه القضيّة.
الانتخابات النيابية
في ملف الانتخابات النّيابيّة، يعتبر أنّ تأجيلها غير مقبولٍ إطلاقاً بالنّسبة لإدارة الرئيس الأميركي جو بادين. ويقول مُتهكّماً: كذلك الأمر بالنّسبة لدخول روسيا إلى أوكرانيا، فهو غير مقبولٍ أيضاً.
يُشبّه شينكر الوضع القائم في إقليميْ دونيتسك ولوهانسك (أعلنا استقلالهما أمس الأوّل) شرق أوكرانيا بالوضع القائم في لبنان وبعض مناطق الشّرق الأوسط التي تُهيمن عليها إيران مثلَ حزب الله في لبنان، والحشد الشّعبيّ في العراق والميليشيات الحوثيّة في اليمن. ففي كلا الحالتيْن هناك ميليشيات مدعومة من دولةٍ أجنبيّة تُقوّض السّلطات الشّرعيّة القائمة.