حبْس أنفاس في “عين الحلوة”… وجمر تحت الرماد
كالجمرة تحت الرماد، يشبّه المراقبون الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة بعد الاشتباكات التي دارت بين حركة «فتح» والناشطين الإسلاميين وأسفرت عن سقوط 12 قتيلاً وأكثر من 65 جريحاً، ناهيك عن الأضرار المادية الكبيرة في الممتلكات من المنازل والمحال التجارية والسيارات.
الأمن على حاله من الهدوء الهشّ، يردّد أبناء المخيم، توقفت جولة ولم تنتهِ المعركة، فالوضع لم يعد إلى طبيعته بعد، فالمتاريس والدشم والشوادر (عازل الرؤية) ما زالت تُقطّع الأوصال في التعمير والطوارئ والشارع الفوقاني امتداداً من البركسات مروراً بعكبرة والصفصاف وصولاً إلى الرأس الأحمر.
تحبس القوى السياسية الوطنية والإسلامية ومعها أبناء المخيم أنفاسهم بانتظار نتائج «لجنة التحقيق» التي شكّلتها «هيئة العمل المشترك» الفلسطيني في لبنان، لكشف الجناة في جريمة اغتيال قائد الأمن الوطني في منطقة صيدا اللواء أبو أشرف العرموشي وعبد الرحمن فرهود.
وذكرت مصادر مسؤولة أنّ اللجنة قطعت شوطاً متقدّماً في تحقيقاتها أكثر من 70%، استمعت إلى إفادات الجرحى وشهود العيان وبعض الشخصيات، واطلعت على كاميرات المراقبة من قبل «فتح» وقد تبين أن 8 كمائن – بنادق شاركت في عملية الاغتيال من داخل إحدى مدارس «الأونروا»، وهي بانتظار كامل تسجيلات الكاميرات من قبل الناشطين الإسلاميين في الجهة المقابلة لتحديد هوية الجناة بعدما اطلعت على أجزاء منها لم يظهر فيها شيء.
ويقول أمين سرّ «فتح» في منطقة صيدا اللواء ماهر شبايطة: «من المفترض أن تنتهي اللجنة من تحقيقاتها في غضون ثلاثة أيام على أن ترفع تقريرها إلى «هيئة العمل المشترك» التي ستعقد اجتماعاً طارئاً لاتخاذ القرار المناسب في كيفية تسليم الجناة. هذه الجريمة لن تمرّ من دون عقاب وقرار «فتح» حاسم بتسليم الجناة إلى العدالة اللبنانية وعلى جميع القوى الوطنية والإسلامية تحمّل مسؤولياتها بشكل كامل».
وفي تطور لافت، أعلنت وكالة «الأونروا» أنها تلقت تقارير مقلقة تفيد بأن جهات مسلحة ما تزال تحتل منشآتها بما في ذلك مجمع مدارس في المخيم (تقع بين الطوارئ والشارع الفوقاني) وأنها تعرّضت لأضرار جراء الاقتتال الأخير. علماً أنّ المجمع يحتوي على أربع مدارس توفر التعليم لـ 3,200 طفل من لاجئي فلسطين. ووصفت «الأونروا» هذا الأمر بأنه «انتهاك صارخ لحرمة مباني الأمم المتحدة بموجب القانون الدولي، ممّا يهدّد حيادية منشآت «الأونروا» ويقوّض سلامة وأمن موظّفينا ولاجئي فلسطين»، ودانت بشدة هذه الأفعال ودعت جميع الجهات المعنية إلى إخلاء مبانيها فوراً «حتى تتمكّن من استئناف الخدمات الحيوية وتقديم المساعدة إلى جميع لاجئي فلسطين المحتاجين».
وتقول مصادر فلسطينية: إن هذا الإعلان قد يُشكل خطوة باتجاه نقل بعض خدمات «الأونروا» إلى صيدا، حيث بدأت في أروقة «الأونروا» تتزايد الأحاديث حول احتمال الإقدام على ذلك كخطة بديلة، في حال استمر الوضع الأمني على ما هو عليه».
وسبق هذا الإعلان قرار لمديرة الوكالة في لبنان دوروثي كلاوس، بافتتاح عيادة صحية في مدرسة الصخرة في صيدا بعد التشاور مع الطاقم الطبي والكادر التمريضي في المخيم، لتوفير الخدمات الطبّية الموقتة للمرضى بدلاً من العيادة الصحية الأولى في الشارع الفوقاني التي ما زالت مقفلة منذ وقوع الاشتباكات، بينما عمدت إلى فتح العيادة الثانية في الطرف الجنوبي للمخيم بشكل عادي. وأكّدت أنّ الوضع في المخيم لا يزال غير مستقر، متوقّعة أن تكون الاشتباكات قد أسفرت عن دمار ما بين 200 و400 منزل داخل المخيم وفي المناطق المحيطة به.