هل تخرج الساحة اللبنانية عن السيطرة؟
ملفان اساسيات يهددان الإستقرار الامني في لبنان،هما المعارك والإشتباكات الحاصلة اليوم في مخيم عين الحلوة في صيدا، والتوترات المستمرة عند الحدود الجنوبية والتي لا يبدو أنها تسلك طريق التسوية أو الحل القريب، وهذا يعني أنه بالتوازي مع الأزمة الاقتصادية، تسير وللمرة الأولى أزمة امنية في لبنان.
هناك توافق تام بين اللاعبين الأساسيين بأن تكون اللعبة السياسية في لبنان تحت السقف الأمني، أي الا يذهب أي طرف الى الضغط بالأمن أو بالفوضى، لأن ذلك سيفتح الباب أمام التفلت الكامل من قواعد الأشتباك المعتمدة اليوم، وسيصبح جميع اللاعبين بحلّ من الاتفاقات الضمنية التي تحسم فكرة عدم التفريط بالإستقرار الأمني في لبنان.
لكن الأزمة في مخيم عين الحلوة فتحت الباب بشكل جدي على كل الإحتمالات، اذ إن انتقال الإشتباك العسكري من عين الحلوة الى باقي المخيمات في لبنان او الى عدد منها سيعني تفلتا كاملا للوضع الأمني على اعتبار أن اجهزة الدولة اللبنانية الأمنية والعسكرية لن تكون قادرة عندها على احتواء التداعيات الكبرى لمثل هذا السيناريو.
من الواضح أن ازمة عين الحلوة هي نتيجة انشطار كبير في العلاقة الفلسطينية-الفلسطينية ومرتبطة أيضا بملفات كبرى كملف الضفة الغربية وجنين، وعليه فإن توسع المعارك الى مخيمات اخرى ممكن بسبب عدم ارتباط الاشتباك الحالي بخصوصية مخيم عين الحلوة او بخلافات ثنائية داخل هذا المخيم تحديدا، من هنا يصبح الحدث بالغ الخطورة.
في المقابل، فإن التوترات التي تسيطر على الحدود الجنوبية غير قابلة للضبط، فـ”حزب الله” ليس مقتنعاً ببقاء بلدة الغجر ضمن السيطرة الاسرائيلية ويمهد الأرضية الاعلامية والسياسية لأعمال عسكرية وأمنية بهدف تحريرها، وكذلك فإن تل ابيب لم تتعايش، ولا يبدو انها ستتعايش في المستقبل القريب، مع خيم الحزب داخل مزارع شبعا او مع حركة مقاتليه العلنية عند الحدود.
كل هذه الفرضيات تجعل من تدحرج التوترات جنوباً الى معركة او حرب أمراً وارداً، لذلك فإن احداث عين الحلوة او “خيم الحدود” قد يجعلا الملف اللبناني قابلاً للتفجير من دون ارادة اللاعبين المعنيين وعندها سيكون التعامل مع الأمر الواقع ضرورة لا مفر منها وتصبح تعقيدات التسوية المرقبة رئاسيا وسياسياً، مجرد تفصيل في حجم التحول المتوقع بعد انقشاع الغبار..