ماذا لو “دولرت” الدولة رواتب الموظفين؟
كتب أنطوان الفتى في “أخبار اليوم”:
عندما يقف وزيراً في حكومة ليُخبر الناس بأن القطاع العام بحاجة إلى إصلاح، وبأن هناك الكثير من التوظيفات العشوائية في الإدارات العامة، وبأن 10 في المئة فقط من الموظفين في وزارته يعملون معه، فهذا يعني أننا نعيش في “حالة” تشبه كل شيء، إلا أن تكون دولة.
فتلك “الحالة” تعرف كل شيء شاذّ، وتتفرّج عليه، وتزيد الأعباء على شعبها لدعمه، وذلك بدلاً من الإسراع في إصلاحه.
حلم كبير
فماذا لو أُجبِرَت الدولة اللبنانية على دفع رواتب العاملين في قطاعها العام بالدولار فقط، مثلاً؟
في تلك الحالة، ستشعر الخزينة العامة “بوجع حادّ”، يُجبرها على الإسراع في تقليص حجم الفوائض بمؤسّساتها وإداراتها العامة. فماذا لو حصل ذلك، بدءاً من الغد؟
هذا حلم كبير، يراودنا في تلك “الحالة” التي نعيش في ظلّها، والتي هي ليست دولة، بالتأكيد.
مشاكل إضافيّة
أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة أن “العائق الأساسي للبحث عن أي حلّ يبدأ من واقع أن لدينا دولة “فالج لا تعالج”. دولة لا شيء يهزّها لتُسرع نحو الحلول، مهما زادت المشاكل”.
وأشار في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “المشاكل تزداد على المواطنين، فيما لا الدولة ولا قطاعها العام يسألان عن أحد. وكل خطوة تفعلها تلك الدولة كحلّ، تزيد المشاكل والأعباء، وهو ما يحصده الناس بمزيد من الضرائب. ولا مجال لتصحيح أحوال القطاع العام في ظلّ هذا الجوّ”.
إنتاجيّة
وشدّد حبيقة على أن “لا شيء يُمكنه أن يُجبر دولة على العمل. كما أن المشكلة هي في أن الدولة في لبنان ليست موجودة أصلاً، لتكون مُجبَرَة أو غير مُجبَرَة بشيء. وأما إذا دَوْلَرَت تلك الدولة إنفاقها ورواتب العاملين في قطاعها العام، فكيف ومن أين ستؤمّن التمويل؟ طبعاً، سيحصل ذلك بزيادة الضرائب على شعبها، وبالدولار أيضاً. لا خطط رسمية غير تدبير الدولة نفسها وتوفير حاجاتها من جيب المواطن. ولا يمكن حثّها على القيام بغير ما تقوم به في الوقت الحالي، لأن أي محاولة للذهاب في ما هو أبْعَد، يعني تحميل الناس المزيد من الأعباء”.
وأضاف:”زادت الدولة أجور العاملين في قطاعها العام بمقدار 7 مرّات، وهم مستمرون بالإضراب، فلماذا لم يُتَّفَق معهم على كمية الرواتب المُضاعَفَة بما يتناسب مع الإنتاجية الواجبة عليهم؟ هي تزيد رواتبهم، وتتفرّج عليهم يزيدون إضراباتهم، فيما مفهوم الإنتاجية ليس موجوداً في القطاع العام”.
انهيارات؟
وأكد حبيقة أن “المواطن في لبنان يُعاني من جراء قطاع عام مُكلِف، وغير مُتناسِب مع الإنتاجية المطلوبة منه. فهو لا يساعد الناس على إتمام معاملاتهم، وتيسير شؤونهم. وأما الحلّ، فبإعادة النّظر بتركيبة هذا القطاع كلّه”.
وردّاً على سؤال حول الانهيارات المالية المُنتَظَرَة، في ما لو استمرّ التعثّر السياسي الحالي على المستويات كافّة، أجاب:”كل ما يُحكى عن تلك الأمور حالياً هو أقرب الى تقديرات، تخضع للاحتمالات التي يمكن أن يصل إليها الوضع السياسي والاجتماعي”.
وختم: “كل شيء وارد في بلد لا يوفّر الثقة والاطمئنان لشعبه. فالحَلْحَلَة السياسية قادرة على تحسين الأمور، ولكنها تبدو بعيدة المنال حتى الساعة”.