أموال ضائعة سيدفعها اللبنانيون: سلف خزينة لتمويل كهرباء النازحين؟
خطط طوارىء وحلول مفترضة لقطاع الكهرباء، أُحيلَ فيها استهلاك النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين إلى المجهول. لكن المُستَجَد، هو طرح إمكانية تحميل تلك الأكلاف لخزينة الدولة، ويتم تعويضها لاحقاً من اللبنانيين.
القرار لدى مجلس الوزراء
يُنَحَّى مرحلياً من التركيز، موضوع استهلاك المخيمات الفلسطينية، لسببين أساسيين، استدامة وجود تلك المخيّمات في لبنان وارتباط صعوبة إصلاح كهربائها بإصلاحها في كل لبنان. ومن ناحية ثانية، راهنية ملف النزوح السوري على مستوى المنطقة والعالم، ممّا يُكسِب أي نقاش مرتبط به، زخماً للمتابعة، وبشكل أساسي إن تعلَّقَ النقاش بالتمويل.
وتمويل النزوح السوري إلى لبنان بات اليوم تحت المجهر. فكثُرَت علامات الاستفهام حول اتجاه جهات دولية مموِّلة، نحو خفض التمويل الذي يعيد التساؤل حول مصير كلفة استهلاك النازحين السوريين للكهرباء على مدى سنوات. وتزداد المسألة تعقيداً في ظل عدم وجود إحصاء حقيقي لحجم الاستهلاك، رغم تقديرات تشير إلى 400 مليون دولار سنوياً، أي نحو 4 مليارات و800 مليون دولار، على امتداد أكثر من عشر سنوات وحتى الآن.
لا قدرة لمؤسسة كهرباء لبنان على تحمُّل الكلفة من صندوقها، وبالتالي، “تنتظر المؤسسة قرار الحكومة. فإما تحيل الدفع على وزارة المالية أو الهيئات والمنظّمات الدولية”، على حد تعبير مصادر في مؤسسة كهرباء لبنان. هذا الجواب الوحيد الذي تملكه المؤسسة الذي تلقي على الحكومة عاتق إيجاد المخارج. وتتولّى وزارة الطاقة التسويق لمظلومية المؤسسة وحاجتها لأموال طارئة لتأمين استمرارية إنتاج الكهرباء.
سلف الخزينة أقرب
ينام الملف داخل مجلس الوزراء، ولا أحد يستعجله. وعليه، من غير المحسوم هوية الجهة التي ستموِّل قيمة استهلاك النازحين. وإن كان الاتجاه الدولي نحو تخفيض التمويل، يؤكّد وزير الطاقة وليد فيّاض لـ”المدن”، أنه لم يتبلَّغ قراراً رسمياً بالخفض، من أي جهة دولية. بل على العكس، وعلى سبيل المثال، أكدَّ وفد من اليونيسف لفيّاض، استمرار تمويل المشاريع المتعلّقة بالنازحين والبيئة المحيطة.
تأكيد استمرار التمويل حالياً لا يعني حتميّته مستقبلاً. وإن استمرّ، فلا يُلحَظ داخله تمويل استهلاك الكهرباء الذي لم يُلحَظ منذ 12 عاماً حتى اليوم. فالتمويل المقصود هو للاحتياجات الغذائية والتعليمية والصحية، وليس للكهرباء. ما يترك الساحة مفتوحة أمام سلف الخزينة. فقرار مجلس الوزراء المفترض بإلزام المنظمات تمويل استهلاك الكهرباء، معرَّض لعوائق، منها عدم معرفة حجم المبالغ التي ستُطلَب، نظراً لغياب الاحصاءات الرسمية لحجم الاستهلاك، وصعوبة تركيب العدادات. فالقرار في حال إصداره، سيكون شكلياً.
أما تحميل الكلفة للخزينة عن طريق وزارة المالية، فيعني زيادة الأعباء على الدولة، وإضافة المخيّمات إلى مؤسسات وإدارات الدولة التي لا تدفع الكهرباء. ولدفعها، ستطالب وزارة الطاقة باسم المؤسسة، بسلف خزينة لسداد العجز، وربطاً بذلك، رفع التعرفة مجدداً، فيحمل اللبنانيون بقرار من حكومتهم، عبء السداد عن النازحين كما حملوا عبء السداد عن الدولة.
ليس لدى مؤسسة كهرباء لبنان ما تقدّمه. مع أنها المسؤولة عن وضع مخطّط للتعامل مع الاستهلاك المستجدّ للطاقة، بدءاً من تنظيم ربط المخيمات بالشبكة وضبط الاستهلاك بالعدادات. وانطلاقاً من الواقع، لا يجد المدير العام السابق للاستثمار في وزارة الطاقة غسان بيضون، مبرِّراً من تمييع العمل في هذا الملف، سوى “البحث عن حلّ من أموال الناس”. ويقول بيضون لـ”المدن”، أنه “لم يتغيَّر شيء من العوامل الرئيسية لأزمة الكهرباء حتى تطالب الحكومة بأموال من الداعمين الدوليين. وكذلك، لا تستطيع الدولة دفع كلفة الكهرباء عن إداراتها ومؤسساتها العامة. ما يعني أنها ستأتي بالمال من اللبنانيين، لتغطية استهلاك النازحين، كما أتت به عبر رفع التعرفة، لتغطية الهدر”. ويجزم بيضون أن “ما لم يُحَل خلال أكثر من 10 سنوات، لا يمكن حلُّه اليوم. وكل ما يُطرَح في هذا الشأن، بلا معنى وبلا قيمة”.
تمرير السلفة في حال اتخاذ الحكومة قراراً بتحميل كلفة كهرباء المخيّمات لوزارة المالية، قد يُدرَج في بنود ملغومة مثلما أدرج مبلغ 54 مليون دولار كمستحقات لعقود التشغيل والصيانة ومصاريف قطاعات الإنتاج والتوزيع، داخل سلفة شراء الفيول التي أقرَّت مطلع العام الجاري. وفي حال لم تُقَر، فاللبنانيون سيكونون أمام أكلاف إضافية داخل فاتورة الكهرباء، تُحصِّل ما فات المؤسسة.