برّي ينتظر… كلمة سرّ وأوراق رئاسية أخيرة
أبطأ الدخول الأميركي المباشر على الملف الرئاسي من الاندفاعة الفرنسيّة لتأييد رئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية، كذلك الموقف الأخير للبطريركية المارونية. وبدأ الدور الفرنسي رئاسيًّا يتلاشى مع بروز الحركة المكوكية للسفير السعودي وليد البخاري على عدد من المسؤولين. كما كانت لافتة الزيارة التي قام بها فرنجية إلى اليرزة، في وقت تضاربت المعلومات حول موقف السعودية من فرنجيّة وما رشح عن اللقاء. وتبقى دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري لجلسة تحمل رقم 12 لانتخاب رئيس للجمهورية معلّقة إلى حين جلاء الصورة داخليًّا وخارجيًّا، رغم كلامه الأخير عن “وجوب إنجاز الاستحقاق الرئاسي كحد أقصى في 15 حزيران المقبل”.
يترقّب بري الظروف الموضوعية التي تُمكّنه من دعوة المجلس النيابي إلى جلسة انتخاب جديدة، أي توفّر المعطيات والآلية التي تأتي برئيس بنصاب 86 نائبًا وحصول مرشح على غالبية الثلثين في الدورة الأولى وفي الدورات التي تليها على 65 صوتًا، وفق ما أكّده النائب أيوّب حميّد.
رئيس مجلس النواب الذي يمتلك وحده حق الدعوة من عدمها إلى جلسة انتخاب ينتظر استدارة القوى “السيادية” وقوى “التغيير” ولو كانت بطيئة” على حدّ تعبير حميّد. وأضاف: “هذه القوى بحاجة إلى وقت كي تتمكّن من الاستدارة ولو ببطء بغية التوصّل إلى اتفاق على اسم شخص غير النائب ميشال معوّض”. وأردف: “صحيح أنّنا صوّتنا بورقة بيضاء خلال جلسات الانتخاب الـ11 السابقة ولكنّنا اليوم ندعم فرنجية ونقف خلفه. ولم يتجرأ أحد بيننا أن يقول “لن أسمح” على خلاف القوى الأخرى التي أعلنت صراحة أنّها ستُعطّل النصاب وخصوصًا “القوات” بشخص رئيسها ونوابها الذين أكّدوا منعهم انتخاب الرئيس إذا لم يكن وفق المواصفات التي يريدونها، ولا أدري كيف يُترجم عدم السماح في لغتهم”.
وردًّا على سؤال عن عدم دعوة بري لجلسة انتخاب رئيس الآن ونقل كرة التعطيل إلى ملعب الفريق الآخر، قال حميّد: “هذا الكلام يُراد به الإحراج لا أكثر”. وذكّر بأهمية الدعوة للحوار في محاولة لتقريب وجهات النظر على الرغم من أنّ نتائج الحوار غير ملزمة.
ترفض السعودية الدخول في لعبة الأسماء وتكتفي بطرح مواصفات الرئيس على أن يكون في خانة “الاعتدال التوافقي”، وهذه الصفة لا تنطبق على فرنجيّة في ظل استمرار الرفض المسيحي له. وإذ لفت حميّد إلى أنّ “حركة أمل” تدعم ترشيح فرنجية ولم تبدّل ولن تغيّر قناعاتها وما التزمت به أخلاقيًّا أمام الناس، شدّد على أنّ “فرنجية لن يكون قادراً على الحكم إذا لم يحصل على اعتراف وغطاء عربيّ وإقليميّ ودوليّ على شخصه”.
بعد زيارة فرنجية إلى اليرزة، يُرتقب سيناريو من اثنين: الأوّل إعلان فرنجية صراحة عدم رغبته بالاستمرار بخوض الغمار الرئاسي وانسحابه مقابل تقدم اسم قائد الجيش وربّما أسماء أخرى، والثاني الإبقاء على الشغور لفترة أطول مع استمرار “حزب الله” بدعمه فرنجيّة.
ورغم تمسّك “حزب الله” و”حركة أمل” بفرنجيّة، يبقى الموقف الأخير لرئيس “التيار الوطنيّ الحرّ” النائب جبران باسيل بيضة القبّان في الاستحقاق الرئاسي. فهل سيتمكّن باسيل الرافض لفرنجيّة وللعماد عون من التغريد بعيداً عن “حزب الله”؟ وهل ستُثمر الاتصالات الدائرة بين “القوات” و”الكتائب” و”الاشتراكي” والتغييريين وبعض المستقلين و”التيار” وتُنتج اسمًا لخوض المعركة الرئاسية؟
ستشهد الأيّام المقبلة حركة ناشطة في الملف الرئاسي وزيارات لعدد من الوفود. وإلى حين وصول كلمة السرّ، سنرى كيف ستُلعب الأوراق الرئاسيّة الأخيرة.