متى تتوقف “الهزّات” وماذا عن سلامة الأبنية؟ … الخبراء يوضّحون
ضرب زلزال بقوة 6.5 درجات على مقياس رختر، الحدود التركية السورية أمس، شعر به كافة سكان لبنان . ومنذ زلزال 6 شباط، تخطت الوفيات ال٥٠٠٠٠ شخص حتى الآن في كل من تركيا وسوريا، ومن المتوقع استمرار حدوث هزات ارتدادية في الأيام والأسابيع القادمة.
جيوديناميكيًا، تقع تركيا عند تقاطع ثلاث طبقات تكتونية كبيرة: افريقيّة، عربية ويورو-آسياوية، وتشكل منطقة تكتونية مهمة للحزام الوروجيني للالبس والهيمالايا، الذي يمتد من اسبانيا وصولا الى الصين. و تلتقي ثلالة فوالق مهمة في مقاطعة هاتاي التركية: فالق شرق الاناضول، فالق البحر الميت (الذي يمر به لبنان)، والقوس القبرصي، والتي تعتبر على التوالي كحدود لصفائح العربية-الاناضولية والعربية-الافريقية والافريقية-اليورواسياوية.
وفي هذا الاطار، أوضح الخبير الجيولوجي د. طوني نمر، في حديث خاص للديار، أن “مصطلحا “الزلزال” و”الهزة” يتطابقان. وتعريف الهزة هو انزلاق صفيحتين أرضيّتين على بعضهما البعض بشكل فُجائيّ”.
وقال د. نمر إننا “سنشهد هزّات ارتدادية في الفترة القادمة حتّى يتوقف تحرّك الفالق الذي ضربه الزلزال الأول في 6 شباط، وكل ما نشهده من هزّات ارتدادية منذ حصول الزلزال الأساسي لليوم أمر طبيعي.”
وتابع قائلا “عالأرجح الزلزال القوي حصل وكل ما نراه ارتدادي، ولا أتوقع أن تتكرر كارثة 6 شباط من الناحية العلمية، والأمور أصغر مما نعتقد، ولكن لا يمكنني أن أجزم، فممكن أن يتأثر فالق آخر وأن نرى زلزال بحجم الأول، لا أحد يمكنه اعطاء إجابة سلبية أو إيجابية في هذا الموضوع”.
وشدد د. نمر على “أننا يجب أن نتأكّد من وضعية منازلنا اذا كانت سليمة أو غير سليمة، اذا لم تكن سليمة يستحسن أن يخرج المواطن من منزله. وفي حال قرر أن يغادر منزله عليه أن ينتظر انتهاء الاهتزاز، وأن يذهب الى مكان معزول عن المباني”.
وأردف: “في هذه الفترة مهم جدا أن يتابع المواطن وكالات الأخبار ليعرف تفاصيل الهزة التي حصلت، أي أين موقعها، ومدى قوّتها. فالهزة التي حصلت أمس في أنطاكيا بعيدة 180 كلم عن أقصى شمال لبنان، ما يعني أن الخروج من المنازل في هذه الطريقة لم يكن منطقيا.”
واعتبر د. نمر أن “هناك اهمال كبير من الدولة في نشر التوعية عن كيفية التعاطي مع الزلازل،… فاقفال المدارس بعد الزلزال ليس له داعي!”.
وحول نسبة حصول “تسونامي”، شرح أن “ليحصل تسونامي، يجب أن يضرب الزلزال البحر ليتحرّك كعبه 6.5 درجات على الأقل. فاذا حصل الزلزال برّا ليس هناك أي خطورة الا في حال انشقاق أرض البحر وهذا الأمر قليل ما يحدث. تاريخيا، حصل تسونامي في شرق البحر المتوسط وهذا أمر وارد ولكن نادراً”.
وأشار الى أن “لبنان يقع على فالق البحر الميت، ومرّ علينا زلازل عدّة، ولكن ليس كل سنة تحدث زلازل في حجم زلزال تركيا”.
ورأى د. نمر أن “الخوف لن يساعدنا، يجب علينا أن نعترف بأننا موجودين على خط زلازل، فالتوتر والهلع لن يفيدنا. من الضروري أن نتكيّف مع الفكرة، حان الوقت أن يصبح موضوع الزلازل “ثقافي”، داعيا “المدارس والجامعات أن تخصص وقتا لتناول موضوع الزلازل مع الطلاب”.
وفي الاطار نفسه، كان لموقع “الديار” حديث خاص مع المهندس المعماري مارك انطوان متّى، الحائز على ماجيستر من جامعة “Bartlett UCL” في إدارة المشاريع، حول صلابة المباني في لبنان، الذي أكّد أنه ” عام 2005، صدر مرسوم حدد المواصفات بكل ما يختص في سلامة المباني، ويضم طبعا الاحتياطات في حال حصول حرائق أو زلازل. حينها، أنشأت مكاتب “bureau de controle” المعنية بالكشف على أي بناية جديدة تتعمر، وبالأخص الأبنية المرتفعة وأن تدقق اذا ما كانت ماكنة وجاهزة لحصول أي كارثة طبيعية.”
ولفت متّى الى أنه “ليس من الضرورة أن يكون المبنى ماكن فقط لأنه “عمار جديد”، فهناك مباني عديدة “”super delux لا تطبق عليها المواصفات المطلوبة ولم تكشف عليها مكاتب التدقيق، ولكن بالاجمال كل المشاريع الكبيرة يفرض عليها وجود مهندس كهربائي ومهندس معماري.”
وأشار الى أنه “لا يوجد أي إشارة بصرية يمكننا أن نعتمد عليها لنعرف اذا كانت “البناية” سوف تنهار، لذا يستحسن على المواطن أن يستشير مختص في حال شعر بأن الوضع غير آمن.
وأكد “أننا لا يمكن أن نجزم سقوط المباني او عدم سقوطها، فهناك مباني قديمة جدا في ضواحي بيروت وبرج حمود بدأت أن تتفسخ قبل الهزات الأرضية التي حصلت، هذه المباني أصبحت أساساتها ضعيفة جدا ويمكن أن تهبط من هزات ارتدادية”.
وقال متّى أن “المناطق المكتظة هي الأكثر عرضة للمخاطر، لأن البنى عشواقي وغير منظّم”.
وختم متّى بالقول: “أكرر أنه يفضل ألا نهرب عند حصول هزّات أرضية، بل أن نختبئ تحت الطاولة شرط ألا تكون مصنوعة من خشب”.