اهم الاخبارمحليات

هل يعيد سليمان فرنجية تجربة جدّه ويُنتخَب رئيساً بالنصف زائداً واحداً؟

بعد انتخاب سليمان فرنجية الجد رئيساً للجمهورية اللبنانية عام 1970 هل يُعيد سليمان فرنجية الحفيد الكرسي إلى زغرتا ويُنتخب رئيساً بعد 53 سنة على وصول جدّه إلى قصر بعبدا؟

معلوم أن الرئاسة كادت تكون من نصيب رئيس «تيار المردة» عام 2016 بعدما اقترب من نيل 70 صوتاً في ساحة النجمة لو نزل إلى الجلسة من خلال تأييد الرئيسين سعد الحريري ونبيه بري، لكنه ساير حزب الله الذي كان يتمسك بترشيح رئيس التيار الوطني الحر آنذاك العماد ميشال عون. يومها تلقى فرنجية اتصالاً مطولاً من الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند بمثابة تهنئة له واستقبله البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في بكركي، لكنه أضاع الفرصة، فهل يعيدها هذه المرة أم يتمسك بالرئاسة؟
يعتبر سليمان فرنجية نفسه مرشحاً طبيعياً لكنه لم يعلن ترشيحه الرسمي، وإن كان البعض قرأ في زيارته الأخيرة إلى البطريرك الراعي انطلاقاً لمعركته الرئاسية بالتزامن مع انصراف الثنائي الشيعي إلى احتساب الأصوات الداعمة لحليفهم الذي يطمئنون إليه وإلى أنه لا يطعن ظهر المقاومة. ويسعى الثنائي إلى إيصال فرنجية بطريقة سلسة وبشكل توافقي انطلاقاً من خطابه التصالحي وبراغماتيته التي يتميّز بها إلى جانب قناعاته الاستراتيجية التي يمكنه توظيفها لخدمة البلد وعلى أن يأخذ من حزب الله ومن سوريا ما لا يستطيعه أي مرشح آخر وفق ما أعلن بنفسه من على منبر بكركي، مع العلم أن تصريح المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل أثار نقزة مسيحية بعد تصريحه عن العمل لانتخاب فرنجية ولو من دون موافقة أكبر كتلتين مسيحيتين.

وينطلق مؤيدو فرنجية في تفاؤلهم بإمكانية انتخابه من الرقم الذي ناله الرئيس بري في جلسة انتخابه وهو 65 صوتاً على الرغم من معارضة كتل القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والتغييريين وبعض النواب المستقلين الذين اعتبروا أنفسهم الأكثرية في المجلس التي تضم 67 نائباً. ويجري بري عملية بوانتاج للكتل النيابية والنواب الذين يؤيدون فرنجية أو بإمكانه «المونة» للتصويت له على أن يبادر في حال تأكده من رقم 65 نائباً إلى الدعوة لجلسة انتخاب والنزول إليها بإسم فرنجية بدلاً من الورقة البيضاء. وإذا كان البعض يعتبر أن بري نجح بأصوات 8 من «اللقاء الديمقراطي» وهذا غير متوافر لفرنجية انطلاقاً من طرح رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط سلّة أسماء ليس بينها لا فرنجية ولا المرشح ميشال معوض، إلا أن مؤيدي فرنجية يعتقدون أن الزعيم الدرزي لن يتأخر بالسير بخيار رئيس «المردة» إذا وصلته إشارة سعودية حول نضوج التسوية، علماً أن العديد من النواب السنّة من قدامى «كتلة المستقبل» الذين يصوّتون بعبارة «لبنان الجديد» غير بعيدين عن تأييد فرنجيه تماماً كما فعلوا بتأييدهم بري لرئاسة المجلس.
أكثر من ذلك، لا يستبعد مقرّبون من «المردة» أن ينال فرنجيه إضافة إلى أصوات نواب الطاشناق الثلاثة ومن ضمنهم النائب والوزير جورج بوشكيان أكثر من صوت من «تكتل لبنان القوي». ويتكّل هؤلاء على العلاقة الجيدة التي تربط فرنجية بالدول العربية وبتفاعله الإيجابي مع السعودية، بعدما ورث هذه العلاقة عن جدّه الذي فوّضه الملوك والرؤساء العرب في قمتهم التي عقدت في الرباط في المغرب في السبعينات أن يمثلهم ويلقي كلمة بإسمهم حول القضية الفلسطينية رغم النصيحة الأمريكية بعدم التوجه إلى الأمم المتحدة. وجاءت مشاركة فرنجية الحفيد في مؤتمر الاونيسكو الذي دعت إليه السفارة السعودية في بيروت في الذكرى 33 لإتفاق الطائف لتؤكد على هذه العلاقة. ولفتت على هامش هذه المشاركة الحفاوة التي لقيها الزعيم الزغرتاوي وجلوسه في وسط الصف الأول خلافاً لغيره، وحُكي أن تواصلاً مع السفير وليد البخاري كان سيعقب هذه المشاركة، إلا أن التباساً حال دونه.

لا يمانع فرنجية هذه المرة انتخابه ولو بفارق صوت واحد كما حصل في جلسة انتخاب جدّه في مواجهة المرشح الشهابي الياس سركيس حيث نال فرنجية 50 صوتاً مقابل 49 لسركيس حيث رفض بعدها رئيس المجلس صبري حمادة إعلان نجاح فرنجية برئاسة الجمهورية، داعياً إلى إعادة الانتخاب من جديد، فحدثت حالة فوضى وهرجٌ ومرج في مجلس النواب، انسحب بعدها حمادة إلى مكتبه رافضاً إعلان النتيجة. وللمفارقة أن النائب رينه معوض والد المرشح الحالي ميشال معوض اتصل يومها بالرئيس فؤاد شهاب ليعلمَه بالإشكال القانوني الذي أثاره رئيس المجلس، فطلب إليه شهاب بأن يدعو الرئيس حمادة لإعلان انتخاب فرنجية رئيساً.
وبعد انتخاب فرنجية الجد رفع شعاره الشهير «وطني دائماً على حق» وكان يحلم أن ينام الناس في عهده وأبوابهم مفتوحة، لكن الحلم لم يكتمل، فالعاصفة هبّت في 13 نيسان/إبريل عام 1975 وجرت الرياح عكس ما كان يرغب وعكس ما اشتهى لعهده الذي كان بدأ يشهد تصاعد العمليات الفدائية الفلسطينية ضد إسرائيل وارتفاع وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية في الجنوب من حولا إلى عيترون وكفرشوبا إلى هجمات متتابعة على المخيمات الفلسطينية وصولاً إلى الانزال الإسرائيلي في فردان في 10 نيسان/ابريل 1973 واغتيال القادة الفلسطينيين الثلاثة كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار، حيث قدّم الرئيس صائب سلام استقالة حكومته بعدما اتهم قائد الجيش العماد اسكندر غانم بالتقصير.
ووقع الرئيس فرنجية وسط التناقضات بين مصلحة المقاومة الفلسطينية في أن تمارس مقاومتها انطلاقاً من لبنان وبين مصلحة الدولة اللبنانية في أن تمارس سيادتها على أراضيها، فانقسمت البلاد إلى فريقين تماماً كما هو الواقع حالياً مع سلاح حزب الله. فإذا التصق رئيس «المردة» بالحزب وغطّى سلاحه خسر شعبية مسيحية، وإذا ابتعد عن الحزب خسر دعم الثنائي، من هنا يَعِد فرنجية في حال انتخابه بعقد طاولة للحوار لوضع الاستراتيجية الدفاعية على أن يكون أبرز ركنيها حزب الله والقوات اللبنانية.
وفي انتظار ما ستحمله الأيام المقبلة من مفاجآت، فإن الأكيد أن سليمان فرنجية إذا توافرت له الظروف كما حصل عام 2016 فلن يضيّع فرصة الرئاسة هذه المرة، ولكن السؤال يبقى بأي ثمن وهل تتم انتخابات رئاسية بمعزل عن تسوية شاملة تأخذ في الاعتبار رئاسة الحكومة وبعض المناصب الهامة في الدولة؟ وهل يتأمن نصاب الجلسة المحدّد بـ 86 نائباً مع تلويح نواب المعارضة وآخرهم القوات والكتائب بتعطيل الجلسة لمنع وصول رئيس من 8 آذار يغطي سلاح الحزب على 6 سنوات؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى