مضيق هرمز: إذا أُغلق… اهتزّ العالم

مضيق هرمز: إذا أُغلق… اهتزّ العالم
بقلم: الدكتورة ميراي زيادة
لا أبالغ إن قلت إنّ مضيق هرمز هو “الحنجرة” التي يمرّ عبرها شريان الطاقة العالمي. فإن أُغلق هذا الممر البحري، فلن تسير طائرة، ولن تُشغّل مركبة، ولن يدور مصنع بسهولة. إذ إنّ كل برميل نفط وكل شحنة غاز طبيعي تمرّ من هناك.
اليوم، نحن لا نتحدث عن فرضية نظرية، بل عن سيناريو واقعي قد يُغيّر موازين الاقتصاد والسياسة على مستوى العالم.
ماذا يعني إغلاق مضيق هرمز؟
يعني انقطاع نحو 20 مليون برميل من النفط يوميًا!
يعني أنّ أسعار الوقود حول العالم، من بيروت إلى نيودلهي إلى باريس، ستشتعل!
لا طرق بديلة كافية
خطوط الأنابيب السعودية والإماراتية لا تغطي النقص
ناقلات النفط قد ترفض الإبحار خوفًا من المخاطر
التأثيرات الفورية
قفزة بأسعار النفط قد تبلغ 200 دولار للبرميل أو أكثر
اضطراب واسع في أسواق الغاز، خصوصًا في أوروبا وآسيا
عودة موجة تضخّم عنيفة تضرب العالم
ارتفاع كلفة النقل، والتصنيع، والتأمين
وتعطّل حركة الشحن والتجارة الدولية
أثر ذلك على الاقتصاد العالمي
على المدى القريب (أيام – أسابيع):
الدول المستوردة للطاقة (مثل لبنان والهند ودول الاتحاد الأوروبي) تتلقّى الضربة الأقسى
ترتفع أسعار الكهرباء، والوقود، والمواد الأساسية
تزداد الضغوط على ميزانيات الحكومات
خطر أمني مباشر:
تصاعد التوترات البحرية وازدياد الانتشار العسكري في مياه الخليج، مما يرفع احتمال وقوع مواجهات مقصودة أو غير محسوبة، ويُهدد بإشعال فتيل تصعيد أوسع.
على المدى المتوسط (أسابيع – أشهر):
تؤجّل المصارف المركزية قرارات خفض الفوائد
يتحوّل التضخم من مؤقت إلى مزمن
يبدأ المستثمرون بإعادة توجيه رؤوس أموالهم نحو مناطق أكثر استقرارًا
الأسواق المالية
انهيار أسواق الأسهم في الدول التي تعتمد على واردات النفط
انتعاش أسهم شركات الطاقة الكبرى
انخفاض عملات مثل الروبية الهندية والليرة التركية
ارتفاع حاد في قيمة الدولار الأميركي باعتباره ملاذًا آمنًا
العملات والتجارة
ترتفع فواتير استيراد الطاقة بشكل كبير
تتدهور موازين التجارة في العديد من الدول
يضطر بعضها إلى اتخاذ إجراءات نقدية طارئة لحماية عملتها
المخاطر العسكرية
مع تصاعد التوتر، تزداد التحركات البحرية:
انتشار عسكري أميركي، إيراني، وخليجي في المنطقة
خطر الاحتكاك أو الاشتباك العسكري المباشر يصبح حتميًا
أي خطأ في التقدير قد يُشعل فتيل صراع إقليمي واسع
هل من حلول؟
الإفراج عن احتياطات النفط الاستراتيجية من قبل أميركا ودول كبرى
رفع الإنتاج من بعض دول أوبك+، بحدود القدرة
تحرّك دبلوماسي مكثّف لتفادي الانفجار وإعادة فتح الممر
لكن… لا شيء يعوّض بالكامل عن فقدان 20 مليون برميل يوميًا!
السيناريوهات المحتملة: من الأخطر إلى الأخف
إنّ أخطر ما قد يُواجهه العالم هو إغلاق كامل لمضيق هرمز، مما يؤدي إلى فقدان ما بين 17 إلى 20 مليون برميل نفط يوميًا. هذا يعني أنّ أسعار النفط قد تقفز إلى ما فوق 200 دولار للبرميل، ويستمر هذا الأثر لأشهر، مع شلل في الأسواق واضطراب في الإمدادات.
أما في حال إغلاق جزئي أو اضطراب محدود، عبر استهداف ناقلات أو زرع ألغام بحرية، فقد يُسجّل نقص يتراوح بين 6 إلى 10 ملايين برميل، فتقفز الأسعار إلى 100–130 دولارًا للبرميل، ويبقى التأثير لأسابيع.
وفي السيناريو الثالث، وهو الأكثر تفاؤلًا، تحدث الأزمة لكن تُحتوى سريعًا عبر تدخل سياسي أو تفاهم عسكري، فيبقى الأثر محدودًا، وتستقر الأسعار ما بين 90 و100 دولار للبرميل، ويستمر التأثير لبضعة أيام فقط.
الخلاصة الاستراتيجية
مضيق هرمز لم يعد ممرًا عابرًا، بل نقطة ضغط استراتيجية يتحكّم بمصير الاقتصاد العالمي
الأزمة المقبلة ستدفع الجميع إلى تنويع خطوط الإمداد، وتعزيز المخزونات، وتسريع الطاقة البديلة
إنّ أمن الطاقة بات مرادفًا لأمن الجغرافيا وأمن الملاحة
إغلاق مضيق هرمز ليس مجرد أزمة نفط…
بل زلزال عالمي قد يُعيد رسم ملامح النظام الاقتصادي والسياسي.