36 نقطة مُتنازع عليها مع سوريا

36 نقطة مُتنازع عليها مع سوريا
كتبت دوللي بشعلاني في” الديار”: فتحت قضية بلدة حوش السيّد علي الحدودية بين لبنان وسورية، مسألة ضرورة ترسيم سائر النقاط الـ 36 الواقعة على حدود
البلدين، والتي لم يتمّ ترسيم أي خط دولي لها منذ أيام الانتداب الفرنسي وحتى يومنا هذا. وكان الجيش اللبناني قد دخل الى البلدة بعد انسحاب القوّات السورية منها، وقام بمسحها من مخلّفات الاشتباكات العنيفة التي دارت فيها قبل أيّام، لتأمين عودة آمنة للأهالي، وذلك بعد اجتماعات عُقدت يوم الأربعاء الفائت بين الجيشين اللبناني والسوري، لتحديد الحدود وفق الخرائط… فهل سينطبق مثل هذا الأمر على بقية البلدات على الحدود اللبنانية- السورية، لتلافي وقوع أي اشتباكات جديدة؟ أم أنّه يحتاج الى ترسيم نهائي للحدود الدولية بين البلدين؟!
يقول المؤرّخ والباحث في قضايا الحدود، ومؤلّف كتب عديدة عن الحدود لا سيما كتاب “الحدود اللبنانية- السورية (محاولات التحديد والترسيم 1920-2000)” الدكتور عصام خليفة لـ “الديار”: إنّ الحدود هي كالجلد للجسم، فإذا التهب الجلد التهب الجسم بأكمله. وبين لبنان وسورية لم يحصل أي ترسيم منذ أيّام الانتداب وحتى يومنا هذا، باستثناء ترسيم مزارع شبعا. ووصلنا اليوم الى المرحلة الثالثة والتي هي الترسيم، بعد أن حصلت مرحلتا التعيين والتحديد على مرّ السنوات الماضية، على أن يُصار الى تثبيت وإدارة الحدود بعد الترسيم.
ولفت الى أنّ هناك 36 نقطة متنازع عليها على طول الحدود اللبنانية- السورية، لكلّ من البلدين رأيه فيها، وثمّة محاضر يملكها الطرفان عن كلّ من هذه النقاط. وليس من مشاكل صعبة حولها، إذ يمكن حلّها بالتوافق، ولكن لا بدّ أولاً من وجود النيّة الفعلية للترسيم، وإلّا فإنّ المشاكل يمكن أن تحدث لأي سبب كان.
ومن أجل حصول الترسيم، على ما يُضيف خليفة، لا بدّ من إنشاء لجنة مشتركة من البلدين، على أن تعمد هذه الأخيرة الى السير على الحدود ووضع محضر لكلّ من النقاط المتنازع عليها مثل القاع وجوسيه، انطلاقاً من “محاضر التحرير والتحديد” الموجودة لدى الدولتين اللبنانية والسورية، ومن ثمّ رسم الخط الدولي النهائي، وكذلك الخريطة التي يجب أن يتم توقيعها من قبل الجانبين، ومن ثمّ إيداعها لدى الأمم المتحدة لتثبيت الترسيم.
ويضيف خليفة: كما على الطرفين من أجل تشكيل اللجنة، إيجاد أولاً مجموعة من الخبراء والجغرافيين والعسكريين والقضاة لتهيئة جميع الوثائق. فهناك آلاف الوثائق والإتفاقات والخرائط، فضلاً عن “محاضر التحرير والتحديد”، التي سبق وأن وُضعت على مدى العقود الماضية.
وفي ما يتعلّق بمسألة مزارع شبعا، أوضح بأنّ كلّ التقسيمات الإدارية للبنان منذ فترة الإنتداب الفرنسي، كانت تعتبر مزارع شبعا (وعددها 14 مزرعة، 13 منها لبنانية وواحدة سورية معروفة باسم “مغر شبعا”)، فضلاً عن قرية النخيلة ضمن الحدود اللبنانية. الى جانب سجلّات الأحوال الشخصية، وسجل الأملاك العقارية والقرارات القضائية والإدارية ومحاضر الانتخابات البلدية التي تؤكّد لبنانيتها.
فهناك 22 ملفاً لبنانياً- سورياً يُثبت لبنانية مزارع شبعا، على ما أشار خليفة، فضلاً عن اتفاقية ترسيم نهائية للحدود بين شبعا اللبنانية ومغر شبعا السورية، التي جرى تعيينها وتحديدها وترسيمها على الأرض في العام 1946 مع خريطة مرفقة. وقد مثّل لبنان في هذه الإتفاقية القاضي رفيق الغزّاوي، والمهندس جوزف أبي راشد، وعن سوريا القاضي عدنان الخطيب والمهندس رشان المرستاني، ولهذا تُعرف بـ “اتفاقية الغزّاوي- الخطيب” حول ترسيم حدود مزارع شبعا. وعلى أساس هذه الإتفاقية جرى الإتفاق على أنّ “الحدّ الفاصل بين قريتي مغر شبعا السورية والشبعا اللبنانية، هو الحدّ المرسوم على خريطة الدائرة الفنية السورية، يبتدىء به النقطة رقم 48 الفاصلة بين القرى الثلاث بانياس والمغر والشبعا، ويمتدّ نحو الشمال مارّاً بالنقطة التي تبتدىء بالرقم 47 حتى الرقم 9 بالتسلسل العكسي” الخ… وورد في الفقرة الرابعة من الاتفاقية “تفويض الدائرتين الفنيتين في سورية ولبنان لتنفيذ هذا القرار”.
ولهذا المطلوب اليوم، على ما يُشدّد خليفة، من الحكومة اللبنانية أن تولي مزارع شبعا الأهمية اللازمة، وأن تقوم وفقاً للقرار 1701 الذي ينصّ على الترسيم مع سوريا على أنّ “قضية مزارع شبعا تحتاج الى الدرس”، بتقديم جميع الوثائق المتعلّقة بالمزارع الى الأمم المتحدة والى المراجع الدولية ، من أجل انسحاب القوّات “الإسرائيلية” منها، واستعادتها من قبل الدولة اللبنانية. فلا يُمكن تغيير هذا الواقع على الأرض اليوم لأي سبب كان، غير أنّ الدولة لا تذكر مزارع شبعا عندما تتحدّث عن تطبيق القرار 1701، رغم أنّه يُطالب بدراسة وضعها، في الوقت الذي تتمسّك فيه “إسرائيل” بالبقاء في هذه المزارع، لأسباب استراتيجية وسياحية ومائية ودينية.
وأكّد خليفة “على أنّ مزارع شبعا هي جزء من قضاء حاصبيا الذي يقع ضمن الحدود اللبنانية، ويُطبَّق عليها القرار 425، وهي تختلف عن الجولان المحاذي لها الذي يُطبَّق عليه القرار 242 وهو جزء من الدولة السورية”.
ومن هنا، يُفترض أن يقوم مجلس الوزراء، على ما يقترح خليفة، بإنشاء خلية أزمة حول موضوع الحدود، وأن تُخصّص الدولة اللبنانية أشخاصاً من الخبراء والمتخصّصين والعسكريين والباحثين والأكاديميين والجغرافيين لهذه المهمّة، من أجل وضع خطّة لترسيم الحدود. فالمنطقة تغلي بالتحوّلات وبتغيير الحدود، ونحن نريد الدفاع عن حدود وطننا، ولا نريد وضع أي حدود جديدة، لأنّه كما هو واضح، فالإرادات الدولية والإقليمية ضالعة في هذا التوجّه.
وختم خليفة : إذا كانت الدولة اللبنانية تودّ فعلاً ترسيم حدودها الدولية جنوباً وشرقاً وشمالاً، من أجل بسط سيطرة الجيش اللبناني على حدوده النهائية، وتلافي كلّ التوتّرات والصراعات الناتجة عن الحدود المفتوحة أو غير المرسّمة، والخلافات على هذه المنطقة أو النقطة أو تلك، الإسراع في تقديم كلّ الوثائق والخرائط والاتفاقيات التي بحوزتها الى الأمم المتحدة، لضمان استعادة أراضيها المحتلّة، وتلك المتنازع عليها، إن مع سورية أو مع “إسرائيل”.