اهم الاخبار

تحليل استراتيجي للوضع الراهن بقلم الدكتورة ميراي زيادة

تحليل استراتيجي للوضع الراهن بقلم الدكتورة ميراي زيادة

اللعبة الكبرى بدأت!

بينما كانت الأنظار تتجه نحو غزة ولبنان، كانت خيوط لعبة أكثر تعقيدًا تُحاك في سوريا، حيث تفجّرت معركة جديدة بين أجنحة السلطة، في مشهدٍ يعيد رسم الخريطة السياسية للبلاد. وفق مصادر دبلوماسية غربية، فإن ما حدث ليس مجرد اضطرابات، بل محاولة انقلاب على الانقلاب، تقودها قوى داخلية وخارجية، تتقاطع مصالحها عند هدف واحد: إعادة خلط الأوراق في سوريا!

فما الذي يجري في الكواليس؟ ولماذا تحولت روسيا وإيران من داعمين للنظام إلى متفرجين على تفككه؟ وما حقيقة الحديث عن تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ؟

الانقلاب المضاد: غرفة عمليات في قلب الساحل السوري

في عمق المناطق العلوية، حيث كانت القاعدة الصلبة لنظام الأسد لعقود، بدأ الحراك العسكري يأخذ شكلاً غير مسبوق. غيث داؤود، أحد أبرز الضباط السابقين، قاد غرفة عمليات في “جبل”، مستعينًا بضباط من الفرقة الخامسة. المعلومات تشير إلى أن هذه التحركات لم تكن عفوية، بل بتنسيق مباشر من موسكو، التي ترى أن النظام الجديد خرج عن سيطرتها!

أما اللافت، فهو أن سهيل الحسن (الملقب بالنمر)، أحد أبرز القادة السابقين، فرّ إلى موسكو، ومعه شخصيات أمنية بارزة مثل علي مملوك، في مؤشر واضح على أن روسيا لم تعد تثق بالوضع الراهن، وربما تجهّز لمرحلة جديدة تمامًا.

إيران وإسرائيل… تحالف غير متوقع لإسقاط النظام الجديد؟!

في مشهد يثير الدهشة، كشفت مصادر دبلوماسية أن تل أبيب وطهران وجدتا نفسيهما في صف واحد، ضد النظام الجديد. المفارقة أن إسرائيل تعتبره “إسلاميًا متطرفًا يشبه داعش”، بينما ترى إيران أنه خسارة كبرى لنفوذها.

إسرائيل ضخت مليار دولار لدعم دروز الجنوب، وفتحت المجال أمامهم للعمل داخل أراضيها، في خطوة اعتُبرت مقدمة لسلخ المنطقة عن سوريا.

إيران، التي كانت تتحكم في القرار السوري لعقود، رفضت التعاون مع النظام الجديد، وأبقت ميليشياتها في وضع الاستعداد بانتظار الفرصة المناسبة للانقضاض.

موسكو، من جهتها، رفضت تسليم بشار الأسد، بحجة أنه “مريض”، وامتنعت عن إعادة الأموال السورية المودعة في مصارفها، ما أثار تساؤلات حول أجندتها الحقيقية.

التقسيم على الطاولة… خارطة سوريا الجديدة؟

لم تعد فكرة تقسيم سوريا مجرد نظريات، بل بدأت ملامحها تتضح على الأرض:

  1. الكيان العلوي: يمتد من طرطوس إلى اللاذقية وجبلة والقرداحة، حيث يتحصّن فلول النظام السابق.
  2. المنطقة الكردية: بدعم أمريكي مباشر، أصبحت المناطق الواقعة شرقي الفرات، خصوصًا في الحسكة ودير الزور، خاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية.
  3. الجنوب الدرزي: بدأ فعليًا في الابتعاد عن دمشق، مع دخول إسرائيلي غير مسبوق في القنيطرة وجبل الشيخ.

ومع تصاعد هذه المؤشرات، يصبح السؤال الأهم: هل يتحول هذا الانقلاب المضاد إلى حرب أهلية جديدة، أم أنه تمهيد لتقسيم فعلي لسوريا؟

هل انتهت اللعبة أم أنها مجرد البداية؟

السيناريوهات مفتوحة على جميع الاحتمالات، لكن ما هو مؤكد أن النظام الجديد في سوريا ليس في مأمن، وأن القوى الإقليمية والدولية لم تقل كلمتها الأخيرة بعد.

ففي الوقت الذي فتحت فيه الحدود العراقية أمام المقاتلين الموالين لإيران، وبدأ مقاتلو حزب الله بالتدفق عبر الحدود اللبنانية، سارعت العواصم العربية، وفي مقدمتها الرياض، إلى إدانة التحركات الانقلابية ودعم النظام الجديد علنًا.

أما أوروبا، فحسمت موقفها مبكرًا، داعيةً إلى الالتزام بالقانون، ورافضةً أي سيناريو جديد يهدد الاستقرار.

لكن، هل تكفي هذه الإدانات لوقف ما يُحضر في الخفاء؟ أم أن الأيام القادمة ستحمل تطورات تهز المشهد السوري والعربي؟

لبنان… الحلقة التالية في الفوضى؟

إذا كان الهدف الحقيقي لهذا الانقلاب هو إعادة رسم الخريطة السياسية للمنطقة، فإن لبنان سيكون الضحية التالية. فوفق المعلومات المتداولة، بدأت بوادر التصعيد في الشمال اللبناني، حيث ترتفع أصوات تروّج لخطاب إسلامي متطرف، على غرار ما يحدث في سوريا.

فهل نشهد موجة اضطرابات في لبنان تعيد خلط الأوراق كما حدث في سوريا؟ أم أن القوى الدولية ستتدخل لمنع الانفجار الإقليمي؟

الأيام القادمة تحمل مفاجآت قد تكون أخطر مما يتوقعه الجميع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى