اهم الاخبار

التعيينات في لبنان: صراع النفوذ وتوازنات السلطة

يشهد المشهد السياسي اللبناني حراكًا مكثفًا حول التعيينات في المناصب الأساسية بالدولة، في ظل تنافس محموم بين القوى السياسية على تثبيت نفوذها داخل المؤسسات الرسمية. وتتركز الأنظار حاليًا على تعيين حاكم مصرف لبنان، بالإضافة إلى تغييرات في السلك القضائي، الدبلوماسي، والأمني، مما يعكس مدى حساسية التوازنات السياسية بين مختلف الفرقاء.

حاكم مصرف لبنان: سباق الأسماء وصراع المصالح السياسية

لم يُحسم بعد اسم حاكم مصرف لبنان الجديد، رغم تصاعد التكهنات حول الأسماء المطروحة للمنصب، وأبرزها:

جهاد أزعور: وزير سابق يتمتع بخبرة اقتصادية واسعة.

كميل أبو سليمان: وزير سابق ذو علاقات جيدة مع حزب “القوات اللبنانية”.

فراس أبي ناصيف: مدعوم من مجموعة “كلنا إرادة” ويعمل في القطاع المالي في نيويورك.

كريم سعيد: شقيق النائب فارس سعيد، مما يضعه ضمن إطار سياسي معين.

سمير عساف: مصرفي مقرب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وسبق أن طُرح اسمه لرئاسة الجمهورية.

منصور بطيش: وزير سابق مقرب من “التيار الوطني الحر”.

كارلوس أبو جودة: محامٍ معروف بقربه من الرئيس نواف سلام.

يرافق تعيين الحاكم اختيار نوابه الأربعة وفق التوزيع الطائفي المعتاد، ما يزيد من تعقيد العملية، نظرًا للتجاذبات السياسية حول تقاسم النفوذ داخل المصرف المركزي.

الأمانة العامة لمجلس الوزراء: تغييرات منتظرة

إلى جانب منصب حاكم المصرف المركزي، يبرز ملف الأمانة العامة لمجلس الوزراء، حيث يسعى الرئيس نواف سلام إلى تغيير القاضي محمود مكية الذي يشغل هذا المنصب حاليًا. وبينما طُرح اسم القاضي محمد مكاوي كبديل محتمل، فإن حظوظه تراجعت لصالح أسماء أخرى، أبرزها:

القاضي هاني الحجّار

القاضية نازك الخطيب

القاضية نجاة عيتاني

تأتي هذه التغييرات في ظل محاولات إعادة ترتيب التوازنات داخل الحكومة، خاصة في ما يتعلق بالمناصب الحساسة التي تؤثر على عمل مجلس الوزراء.

التعيينات السنية: اختبار العلاقة بين نواف سلام وتيار المستقبل

يثير المشهد الحالي تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين الرئيس نواف سلام وتيار المستقبل، خاصة في ظل مخاوف من تكرار تجربة الرئيس الراحل سليم الحص، الذي حاول إقصاء محسوبين على التيار من مواقعهم الأساسية. وتشير المعلومات إلى دور بارز للرئيس فؤاد السنيورة داخل السراي الحكومي، ما أثار استياء بعض “المستقبليين” الذين يرون في ذلك محاولة لإضعاف نفوذهم داخل الدولة.

في هذا السياق، يُنظر إلى إعلان سعد الحريري عن عودته للعمل السياسي على أنه محاولة للحفاظ على وجود تيار المستقبل في المشهد، ومنع أي محاولات لإقصاء رموزه من المناصب الأساسية، خاصة مع اقتراب الانتخابات البلدية والنيابية.

التغييرات الأمنية: قوى الأمن الداخلي في عين العاصفة

على الصعيد الأمني، تتزايد التكهنات حول إقالة اللواء عماد عثمان من منصبه كمدير عام لقوى الأمن الداخلي، إلى جانب احتمال تغيير رئيس شعبة المعلومات العميد خالد حمود. وتشير بعض المصادر إلى أن الرئيس فؤاد السنيورة يدفع بأسماء قريبة منه لشغل هذه المناصب الحساسة.

ومن بين النقاط المثيرة للجدل، يبرز دور سحر بعاصيري، زوجة الرئيس نواف سلام، في بعض التعيينات، حيث يُقال إنها تقترح أسماء محسوبة على دائرتها، ما أثار استياء بعض المرجعيات البيروتية التي تشعر بأن بيروت تتعرض للتهميش، خاصة بعد استبعاد ممثلين عنها في التشكيلة الوزارية.

التعيينات والتوازنات السياسية: بين السيطرة الحزبية والتوافق المرحلي.

الملفات الدبلوماسية والقضائية: أول اختبار للمداورة

رغم أن الحكومة قد تتجنب في هذه المرحلة تطبيق مبدأ المداورة في وظائف الفئة الأولى، فإن هذا لا ينطبق على التشكيلات الدبلوماسية والقضائية. فمن المتوقع ملء بعض الشواغر في الفئتين الثانية والثالثة، في محاولة لإحداث توازن إداري داخل الدولة.

أزمة الشغور في السلك الدبلوماسي

يواجه السلك الدبلوماسي اللبناني أزمة كبيرة، إذ تشير الإحصاءات إلى أن هناك 270 مركزًا شاغرًا من أصل 600 في الفئتين الثانية والثالثة، ما يعرقل عمل العديد من الإدارات.

ويؤكد الباحث في “الدولية للمعلومات”، محمد شمس الدين، أن هناك 69 سفارة لبنانية دون سفير، أبرزها في واشنطن، باريس، لندن، موسكو، وبكين، إضافة إلى عدد كبير من السفارات في أوروبا والعالم العربي.

لبنان أمام تحديات التعيينات والإصلاحات

تعكس المعركة حول التعيينات مدى تعقيد المشهد السياسي اللبناني، حيث تسعى مختلف القوى السياسية إلى تعزيز مواقعها في الإدارة العامة، في ظل منافسة شرسة بين الأحزاب والتيارات المختلفة.

ويبقى السؤال الأهم: هل ستنجح الحكومة في تمرير التعيينات بسلاسة أم أن الخلافات السياسية ستؤدي إلى مزيد من التأخير والشلل الإداري؟ الأيام المقبلة ستحمل الإجابة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى