هل يؤجَّل تشييع نصرالله؟

هل يؤجَّل تشييع نصرالله؟
لم يكد اللبنانيون يتنفّسون الصعداء ويتأمّلون خيراً بانتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة واعدة حتى عادوا إلى نقطة الصفر. جرائم جنائية، عبثٌ بالأمن وقطع لطريق المطار، اعتداء على اليونيفيل، ناهيك بوضع الحدود غير المستقر على الإطلاق. فما الذي يحدث بالضبط؟
يفنّد رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة العميد المتقاعد هشام جابر النقاط فيقول في حديث مع “نداء الوطن”: “غريبة كثرة الجرائم في المدة الأخيرة. علماً أن عدداً كبيراً من مئات آلاف السوريين عادوا إلى بلادهم. وكان يفترض أن يترجم ذلك في انحسار منسوب الجرائم لأن معظمها كان يحصل من قبل السوريين. لكن، هناك عدة أسباب تؤدي إلى زعزعة الوضع الأمن الجنائي ويفترض بالأجهزة الأمنية أن تقوم بعملها لتعرف سبب زيادة الجرائم. فالبلد صغير وهذا يسهّل الأمُور. لكن، حتى الساعة لم نتجاوز الخطوط الحمراء. هذا على الصعيد الجنائي، أما بالنسبة للأيام المنصرمة، فالأمور مختلفة”. يضيف الخبير العسكري والاستراتيجي: “حزب الله اعتبر أنه هُزِم واعتبر قسم كبير من اللبنانيين أنّ ظهرهم كُسر، وهذه ردة فعل، ما يحدث من قطعٍ لطريق المطار نتج عن منع هبوط الطائرة الإيرانية. هناك خشية من أن تقصف إسرائيل المطار، وهذا انتهاك للاتفاقات. وهذه طائرة مدنية، كان يمكن لأجهزة المطار تولّي أمرها وتفتيشها في حال كانت تحمل أسلحة أو أموالاً، ما قد يعرّض لبنان للمساءلة”.
وقال: “إنّ التهديد الإسرائيلي الدائم يشير إلى أن وضعنا بالويل، وعلى الدبلوماسية أن تتحرك. لبنان حصل على دعمٍ كبير لا يجب أن يقتصر على انتخاب رئيس أو تشكيل حكومة، بل يجب أن يكون لردع العدوان عن لبنان، وهذا عمل الدبلوماسية اللبنانية والحكومة. “حزب اللّه” يحاول أن يثبت أنه لا يزال حاضراً وأن صبره يكاد ينفد وهو لم يُكسر. يريد “الحزب” أن يقول إنه لا يزال موجوداً ولا يحتمل المزيد من الضغط. لكن قطع طريق المطار خط أحمر. وَيفترض بالحكومة أن تتفاهم مع “الحزب” وأن تحمّله المسؤولية. والجيش قام بواجباته ولاحق المعتدين، لأنه يجب عدم التجرّؤ على قطع شريان أساسي للبنان”.
وتابع جابر: “على الدولة أن تتفاهم مع حزب الله، وهو ممثلٌ إلى حد ما بالحكومة ولو أنكر ذلك. وهناك رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يمثل الثنائي الشيعي والذي كلّفه الحزب تمثيله. اليوم، يجب أن يكون هناك تفاهم مع حزب الله بالداخل. كما أن هناك دوراً لوزارة الخارجية والمجتمع الدولي. ويمكن أن تثير هذه التهديدات الإسرائيلية حساسية خصوصاً أن المعنيَّ بهدا الأمر يشعر بأنه مكسور ومغبون”.
وأردف قائلاً: “يجب أن يكون العمل العسكري بالتوازي مع العمل الدبلوماسي والسياسي مع الخارج ومع الثنائي الشيعي ليضبط عناصره غير المنضبطة والجيش لا يقصّر. أمنياً، لا يمكن أن نغفل العدوان الإسرائيلي. وفي حال مدّدت إسرائيل وجودها في لبنان، قد يُؤجّل تشييع السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين. فالآلاف يحضرون التشييع، ومجرّد خرق جدار الصوت سيُشكل مشكلة كبيرة. فماذا لو صار هناك أي عدوان في مكان قريب؟”.
وخلص العميد جابر إلى القول: “أتأمل خيراً في أن إسرائيل ستنسحب كما كتبت وول ستريت جورنال، على أن تحلّ مكانها على التلال الخمس القوات الفرنسية وهي جزء من اليونيفيل، وعلى إسرائيل أن تفكّ هذه العقدة. وفي ما يتعلق بالوضع الأمني الداخلي، لدي ثقة بوزير الدفاع ميشال منسى الذي أعرف أنه قدير وسيمارس صلاحياته كاملة بتكليف من رئيس الجمهورية، والجيش يقوم بواجباته. لذا، أنا مطمئن إلى أنه لا انفلات أمني رغم بعض الخروقات. ولا يمكن أن ننسى أن مخابرات الجيش وفرع المعلومات وأمن الدولة والمباحث جميعها أجهزة تعمل بكامل قواها وتقوم بواجباتها. كما لا يمكن أن نغفل أن أزمة الحدود اللبنانية السورية تشكل نزيفاً في خاصرة لبنان ويجب حل العقد واحدة تلو الأخرى”.