غسان هيكل: ارتفاع سندات “اليوروبوند” اللبنانية…مؤشّر إيجابي بعد تشكيل الحكومة

غسان هيكل: ارتفاع سندات “اليوروبوند” اللبنانية…مؤشّر إيجابي بعد تشكيل الحكومة
غسان هيكل: ارتفاع سندات “اليوروبوند” اللبنانية…إيجابي بعد تشكيل الحكومة
بعد فترة طويلة من التوترات السياسية والاقتصادية التي أثرت بشكل كبير على الوضع المالي في لبنان، أظهرت بيانات “تريدويب” أن سندات لبنان المقومة بالدولار قفزت بما يصل إلى 1.1 سنت لتصل إلى نحو 18.3 سنتًا، وهو أعلى مستوى لها منذ مارس 2020. جاء هذا الارتفاع بعد أيام قليلة من تشكيل الحكومة اللبنانية، مما يعكس تفاؤل الأسواق بقدرة البلاد على المضي قدمًا في إعادة هيكلة الديون وتحقيق استقرار اقتصادي نسبي.
العوامل التي أدت إلى ارتفاع السندات
يُعزى هذا التحسن في أداء سندات اليوروبوند اللبنانية إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها:
تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة
بعد أشهر من الجمود السياسي، تم تشكيل حكومة جديدة، وهو ما اعتبره المستثمرون خطوة إيجابية نحو استقرار الأوضاع السياسية.
وجود حكومة فاعلة يمكن أن يُسرّع المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ويُمهّد الطريق لتنفيذ إصلاحات اقتصادية ومالية ضرورية.
تحسن توقعات إعادة هيكلة الديون
منذ إعلان التخلف عن سداد الديون في مارس 2020، انخفضت قيمة السندات اللبنانية بشكل حاد. ومع ذلك، فإن عودة الحديث عن إمكانية إعادة هيكلة الديون وفق إطار منظم زادت من جاذبية هذه السندات في الأسواق.
يرى المستثمرون أن وجود حكومة جديدة يُمكن أن يُسرّع الخطوات نحو إعادة التفاوض مع الدائنين، ما يُعزز من فرص تحسين شروط السداد.
تحسّن طفيف في الثقة بالوضع الاقتصادي
أدى الإعلان عن الحكومة الجديدة إلى زيادة في ثقة الأسواق المالية، حيث يرى المستثمرون أن الاستقرار السياسي يمكن أن يُمهّد الطريق للإصلاحات الاقتصادية العاجلة.
يُنظر إلى تشكيل حكومة مستقرة على أنه شرط أساسي لمفاوضات جدّية مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الأخرى.
توقعات بانخفاض تكلفة الاقتراض في المستقبل
مع ارتفاع أسعار السندات، تنخفض العوائد (الفوائد) التي يجب على الحكومة دفعها للمستثمرين عند إصدار سندات جديدة.
هذا التطور قد يجعل من الممكن خفض تكلفة الاقتراض مستقبليًا، ما يساعد في تخفيف العبء المالي على الدولة.
التحليل الاقتصادي: كيف يؤثر ارتفاع السندات على لبنان؟
يؤكد الخبير الاقتصادي غسان هيكل أن هذا التحسّن في أسعار السندات له أثر معنوي أكثر منه مادي، لكنّه يحمل دلالات مهمة، أبرزها:
إشارة إلى أن الأزمة المالية قد تكون في طريقها للتحسن
رغم الأزمات المتتالية، فإن استجابة الأسواق الإيجابية تشير إلى أن بعض المستثمرين يعتقدون أن لبنان قد يكون قادرًا على التعامل مع ديونه بشكل أفضل مما كان متوقعًا في السابق.
تأكيد على أهمية وجود حكومة فاعلة
يرى المستثمرون أن ملء الفراغ في المؤسسات الدستورية هو خطوة أساسية نحو تحقيق إصلاحات مالية واقتصادية ضرورية.
بدون حكومة، لا يمكن للبنان التفاوض مع المؤسسات المالية الدولية، أو إجراء تعيينات ضرورية في المناصب العليا، أو وضع ميزانية تعكس رؤية اقتصادية واضحة.
تحسّن في فرص جذب الاستثمارات الأجنبية
ارتفاع أسعار السندات قد يشجع المستثمرين الأجانب على إعادة النظر في السوق اللبناني، ما قد يؤدي إلى تدفقات نقدية جديدة تساعد في تخفيف حدة الأزمة المالية.
إمكانية التفاوض مع الدائنين بشروط أفضل
إذا استمر تحسن أسعار السندات، فقد يكون لدى الحكومة اللبنانية موقف أقوى عند التفاوض على إعادة هيكلة الديون، ما قد يؤدي إلى خفض الديون أو تحسين شروط السداد.
التحديات والعقبات أمام استمرار هذا الزخم الإيجابي
ورغم هذا التطور الإيجابي، إلا أن هناك عدة تحديات يجب أخذها بعين الاعتبار:
الإصلاحات الاقتصادية لا تزال غير واضحة
حتى الآن، لم يتم الإعلان عن خطة واضحة لتنفيذ إصلاحات مالية واقتصادية جوهرية، وهو ما قد يُضعف استمرار الثقة في الأسواق.
مفاوضات معقدة مع صندوق النقد الدولي
من المتوقع أن تكون المفاوضات مع صندوق النقد الدولي صعبة، خصوصًا أن لبنان بحاجة إلى إصلاحات هيكلية قوية، تشمل إعادة هيكلة القطاع المصرفي، ضبط المالية العامة، وتحقيق استقرار في سعر الصرف.
عدم استقرار سياسي مستمر
على الرغم من تشكيل الحكومة، لا تزال هناك مخاوف بشأن الاستقرار السياسي، حيث إن أي خلافات جديدة قد تعيد الأمور إلى نقطة الصفر وتؤثر سلبًا على السوق المالية.
أزمة الثقة مع المودعين والمواطنين
لا تزال الثقة في النظام المصرفي اللبناني ضعيفة، مما يجعل أي تحسن في الأسواق المالية غير كافٍ لإعادة جذب ودائع اللبنانيين في الداخل والخارج.
النتيجة النهائية: هل هو تحسن دائم أم مجرد ارتفاع مؤقت؟
يعد ارتفاع سندات اليوروبوند اللبنانية مؤشرًا إيجابيًا على إمكانية تحسن الوضع المالي، لكنه لا يعني حل الأزمة بشكل كامل. لا يزال لبنان بحاجة إلى إجراءات إصلاحية حقيقية لضمان استمرار هذا الزخم الإيجابي. ويعتمد استمرار التحسن في أسعار السندات على مدى قدرة الحكومة على تنفيذ إصلاحات جدّية، وإعادة الثقة بالقطاع المالي، وتحقيق تقدم في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
في النهاية، هذا الارتفاع يعكس تفاؤل المستثمرين الحذر، لكنه لا يُغني عن الحاجة إلى خطوات فعلية لضمان استدامة التحسن الاقتصادي والمالي.
للإشتراك بخدمة الخبر العاجل اضغط على الربط التالي: