هل تُمدَّد مهلة الستين يوماً جنوباً؟
هل تُمدَّد مهلة الستين يوماً جنوباً؟
تلقت دول العالم بمتابعة واسعة الرسالة القوية التي سعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى توجيهها عبر مجموعة أوامر تنفيذية تتعلق غالبيتها بالداخل الأميركي، من دون أن يأتي على ذكر الحروب أو الملفات الدولية المربكة التي ستواجهها إدارته في أوكرانيا ومع روسيا، أو ملف إيران أو الشرق الأوسط أو الصين. وتكفي بالنسبة إلى البعض المؤشرات الأولى في قراره إلغاء العقوبات على مستوطنين إسرائيليين متهمين بشن هجمات عنيفة على الفلسطينيين في الضفة الغربية، والتي فرضتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن، وقراره المتوقع رفع الحظر الذي فرضته الإدارة السابقة على توريد قنابل زنة 2000 رطل لإسرائيل، للدلالة على المقاربة التي قد يبدأ بها مجددا حول صراعات المنطقة.
تزامنا، لم يبد ترامب واثقا من صمود وقف النار في غزة. يشي ذلك بالكثير، أقله من حيث القراءة الأولية، ولو أن لبنان بات من حيث المبدأ يخطو خطوات قليلة في اتجاه التزام ما يتعين عليه التزامه من أجل إعادة نهوضه على كل المستويات. إلا أن الإشكالية الملحة ليست في إخراج حكومة على مستوى تحديات المرحلة المقبلة ومستوى الرهانات الخارجية والداخلية على ذلك فحسب، بل على ما يسير في موازاتها أو يسبقها، ويحظى بالاهتمامات الخارجية كلها. فقبل أقل من خمسة أيام من انتهاء مهلة الستين يوما لتنفيذ ترتيب وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل، والذي ينتهي في الساعة الرابعة صباحا من يوم 26 كانون الثاني، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الطرفان اللبناني والإسرائيلي سيتفقان على تمديد مهلة الستين يوما المنصوص عليها في الاتفاق للانسحاب والانتشار المعنيين. إذ إن الاتفاق يشير إلى أن الجيش اللبناني سيبدأ بتنفيذ مهمات عدة، بما في ذلك تفكيك البنية التحتية ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها والمواد ذات الصلة. ووفقًا للاتفاق، فإن الانسحاب التدريجي للجيش الاسرائيلي جنوب الخط الأزرق والانتشار الموازي للقوات المسلحة اللبنانية جنوب نهر الليطاني “يجب ألا يتجاوز 60 يوما”.
فالمشهد الجنوبي قبل خمسة أيام من انتهاء مهلة الستين يوما شهد تنافسا وفق الآتي: — “حزب الله” يحذر من عدم انسحاب اسرائيل في الموعد المحدد ملوحا بمرحلة جديدة من المواجهة.
– إسرائيل تواصل إحراق المنازل في قرى جنوبية والجيش اللبناني في الجنوب يتعهد بأنه خشبة الخلاص وينشر قواته .
– الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس الذي زار لبنان في 17 من الجاري تحدث عن واقع يستمر هشا في الجنوب، فيما أعلن أن قوة حفظ السلام الأممية (اليونيفيل) “كشفت عن أكثر من 100 مخزن أسلحة تعود لـ”حزب الله أو مجموعات مسلحة أخرى” منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل حيّز التنفيذ، ما بدا أنه يقدم لإسرائيل الضمانات الكافية بأن مبرراتها لاستمرار احتلالها قرى في الجنوب لا داعي لها، وأن القوة الدولية تقوم بالمهمات التي أوكلت إليها، وكذلك ما هو منتظر من الجيش اللبناني.
ويخشى البعض أن ما كشف عنه غوتيريس قد يشكل في الوقت نفسه ذريعة لإسرائيل لاستمرار احتلالها قرى لبنانية لمدة أطول من أجل تنفيذ عمليات عسكرية داخلها بذريعة بطء تحرك الجيش اللبناني للقيام بذلك.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي زار بيروت وتابع تطورات الوضع في الجنوب عن كثب، انتهى إلى الاستنتاجات نفسها، لناحية أن إسرائيل قد لا تلتزم مهلة الستين يوما، في حين لا تركيز في لبنان على المستوى الرسمي على التحديات التي تواجه السلطات والتزاماتها على هذا المستوى في الجنوب، بل ينصب التركيز فقط على استمرار الانتهاكات والخروق الإسرائيلية ورغبة المجتمع الدولي في الدفع نحو التزام إسرائيل مضامين الاتفاق.
ولكن وكما تكشف المواقف المعلنة لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف لجهة التعهد بفرض سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، فإن الخطوات والإجراءات المقبلة ستكون تحت المجهر الأكبر باعتبار أن جل الالتزام الخارجي حيال لبنان يتوقف على صدقية الأخير وقدرته على تنفيذ هذا الالتزام بالذات قبل أي أمر آخر، في الوقت الذي حظيت السلطة كما يقول البعض بضمانات خارجية للضغط على إسرائيل من أجل تنفيذ ما التزمته من دون إبطاء.
روزانا بو منصف- “النهار”